نبدأ جولتنا في الصحف البريطانية من التايمز التي أشارت إلى أن المحكمة الدستورية العليا في إسرائيل نظرت عددا من الطعون المقدمة إليها على قانون الإصلاح القضائي الذي مررته حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسط احتجاجات حاشدة ملأت شوارع إسرائيل لأشهر طويلة.
واستمر نظر تلك الطلبات لساعات طويلة في إطار ما يمكن أن نطلق عليه أخطر صدام حقيقي بين السلطتين التنفيذية والقضائية في تاريخ البلاد، إذ ينظر أغلب معارضو التعديلات التي أُدخلت على النظام القضائي على أنها تعدي على استقلالية القضاء والديمقراطية في البلاد، وفقا لصحيفة التايمز البريطانية.
وتُعد هذه الجلسة تاريخية، إذ أنها المرة الأولى التي تنظر فيها المحكمة العليا قضية في حضور جميع أعضاء هيئة المحكمة البالغ عددهم 15 عضوا، ما يلقي الضوء على ما تتمتع به تلك القضية المثيرة للجدل من أهمية بالغة، خاصة بعد أشهر عدة خرجت خلالها مظاهرات في شوارع إسرائيل وسط حالة من الانقسام الحاد لدرجة دعت الرئيس الإسرائيلي إلى التحذير من تطور الموقف إلى “حرب أهلية”.
وقالت رئيسة المحكمة العليا في إسرائيل إستر حايوت لممثل الادعاء أنير هيلمان: “تحتاج المحكمة إلى توجيه ضربة قاتلة للديمقراطية حتى تبرر إلغاء ما يعرف بالقانون الأساسي الذي أصدره البرلمان الإسرائيلي”.
وأضافت: “لا يمكننا إلغاء القوانين الأساسية كل يوم، وسوف نكون في حاجة إلى توجيه ضربة قاصمة لمبادئ الدولة كدولة ديمقراطية”. وكان رد هيلمان: “قانون المعقولية يُعد ضربة قوية لحكم القانون في البلاد، وياله من أمر محزن”.
وللمرة الأولى في تاريخ البلاد أيضا، وضعت الجلسة التي عقدتها المحكمة العليا القضاة في إسرائيل في موقف غير مسبوق، إذ أصبحوا مطالبين باتخاذ القرار بشأن قبول أو رفض القيود التي تفرضها عليهم الإصلاحات القضائية المثيرة الجدل. وكان القضاة في إسرائيل من قبل يستخدمون مبادئ المعقولية القانونية للحكم على قرارات الحكومة حال رؤيتهم أنها قرارات غير سليمة وفاسدة.
في المقابل، انتقد وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين – الذي قاد حملة الإصلاحات القضائية – المحكمة العليا، قائلا: “هذه الجلسة التي تنعقد في المحكمة العليا دون أن يكون لها صلاحيات عقدها تُعد ضربة في مقتل للديمقراطية وموقف الكنيسيت الإسرائيلي”.
وتجمع أنصار وزير العدل أمام المحكمة العليا أثناء انعقاد جلس النظر في الطعون على الإصلاحات القضائية وهم يحملون كميات كبيرة من الموز، زاعمين أن “المحكمة تحول إسرائيل إلى جمهورية الموز”.
وفي معرض دعم القضاة في إسرائيل، دون يائير لابيد – زعيم المعارضة الحالي ورئيس الوزراء السابق – تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقا) قال فيها: “سوف يقبل الكنيسيت أي حكم يصدر عن المحكمة العليا”.
واحتدم الخلاف عندما تدخل رئيس لجنة القوانين في الكنيسيت الإسرائيلي سيمتشا روثمان، مهندس الإصلاحات القضائية، أثناء شهادته أمام المحكمة العليا، واصفا القضاة بأنهم “الأقلية القضائية الحاكمة”. وأكد روثمان أيضا أن هناك “تعارض مصالح لأن الجلسة تتعامل مع السلطات القضائية”، وهو ما نفته رئيسة المحكمة العليا.
جاسوسية الصين في بريطانيا
ننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية التي نشرت مقالا جاء فيه أنه منذ إلقاء القبض على باحث في البرلمان البريطاني بتهمة التجسس لصالح الصين، سُلطت الأضواء على ممارسات المخابرات الصينية تجاه المملكة المتحدة وكيفية التعامل مع تلك التهديدات من قبل الأجهزة المعنية البريطانية. ويستمر التركيز على هذه القضية رغم أن المتهم يصر على أنه بريء ورغم عدم توجيه جهات التحقيق أي اتهامات له منذ القبض عليه أوائل العام الجاري.
وطفت أهمية هذه القضية على السطح في الأيام القليلة الماضية مع أن الدول بصفة عامة تتجسس على بعضها البعض لأغراض متنوعة سواء كانت دولا صديقة أو بينها عداوات أو في منتصف الطريق بين هذا وذاك.
ورأت الغارديان أن السبب الأول للتركيز على الأنشطة المخابراتية الصينية على المملكة المتحدة له عدة أسباب؛ أولها أن الصين تزداد قوة وعداء للغرب وأنها أصبحت أكثر قمعا لمواطنيها في الداخل. أما السبب الثاني فيتمثل في النهج القومي الذي تتبناه بكين، وهي النغمة التي يرتفع صوتها عاليا كلما زادت معاناة الاقتصادي الصيني.
وأشارت إلى أن السبب الثالث لوضع النشاط المخابراتي الصيني تحت المجهر هو “المنهجية الشاملة” التي تتبعها الصين في التجسس، إذ توصل تقرير صادر عن لجنة الأمن والمخابرات في مجلس العموم البريطاني إلى أن الصين تستغل الشركات، والمؤسسات الأكاديمية، والمواطنين العاديين في التجسس سواء أبدوا استعدادا للتعاون أم لم يظهروا مثل هذا الاستعداد.
ويتضمن السبب الرابع لتسليط الضوء على الجاسوسية الصينية في الوقت الراهن أن هناك مخاوف لدى كثير من الدول حيال العمليات السرية التي تقوم بها الصين. ففي كندا، على سبيل المثال، فتحت السلطات تحقيقا رسميا في مزاعم تدخل الصين وروسيا في الانتخابات. كما أشارت تقارير إلى أن الصين بدأت تتعلم من ورسيا استخدام سلاح الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، إذ قال باحثون أن السلطات في بكين ربما تكون وراء نشر شائعات بأن حريق الغابات في هاواي كان نتيجة استخدام “سلاح مناخي” تختبره الولايات المتحدة.
ورأت الصحيفة البريطانية أن هناك حاجة إلى المزيد من الشفافية والوضوح. فهناك عائق كبير أمام الحكومة البريطانية قد يحول دون فهمها طبيعة ومدى خطورة الأنشطة المخابراتية الصينية. فعلى سبيل المثال، قالت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم هذا الصيف إن أعضاء في الحكومة ومسؤولين كبار في المملكة المتحدة لا يستطيعون الحصول على تقارير وزارة الخارجية البريطانية عن استراتيجية الصين بسبب “تصنيفها الأمني” الذي يضعها بين الوثائق السرية.
هل ينضب النفط قريبا؟
في الفايننشال تايمز، توقع فاتح بيرول أن الطلب على الوقود الأحفوري قد يرتفع إلى ذروته خلال عقد من الزمن، مرجحا أن الانخفاض الكبير المتوقع في الطلب على النفط والغاز الطبيعي الذي يتحدث عنه بعض الخبراء ما هو إلا أسطورة.
وفي محاولة لتعزيز وجهة نظره، استشهد الكاتب بالارتفاعات القياسية التي لا تزال تشهدها أسعار النفط، وغيره من الموارد الطبيعية المستخدمة في إنتاج الوقود الأحفوري، ما يُعد ردا على أي توقعات بوصول الأسعار إلى ذروتها وانتظار بداية الانهيار في وقت قريب.
لكن الوكالة الدولية للطاقة تتوقع أن ينتهي عصر النمو الكبير في أسعار النفط والغاز والنمو الهائل في الطلب على الوقود الأحفوري، مستندة في ذلك إلى ما يتم الاتفاق عليه من إجراءات على صعيد مكافحة التغير المناخي والتغييرات التي تطرأ على سياسات الطاقة بسبب هذه الإجراءات.
وفي كل عام، ترسم الوكالة الدولية المسار المحتمل الذي قد تسلكه الطاقة على مستوى العالم واضعة في حساباتها السياسات والقوانين التي تسن من أجل مكافحة التغير المناخي، لكن تقرير هذا العام – الذي يتوقع أن يصدر بعد شهر – يتضمن إشارة إلى أن الطلب على الوقود الأحفوري بأنواعه قد يصل إلى ذروته في السنوات القليلة المقبلة بغض النظر عما يستجد من سياسات مناخية، وهو ما وصفته الصحيفة بأنه “نقطة تحول تاريخية”.
وألقى كاتب المقال الضوء على الأسباب التي قد تؤدي إلى وصول الطلب على أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة – النفط والغاز الطبيعي والفحم – إلى ذروته ومن ثم يبدأ في التدهور الحاد؛ وهي أسباب من أهمها اتساع نطاق سياسات خفض انبعاثات الكربون، وانتشار استخدام مصادر الطاقة النظيفة، والتحولات الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد الصيني، وتداعيات أزمة الطاقة العالمية التي تفاقمت لعوامل عدة، أبرزها الحرب في أوكرانيا.
رغم ذلك، رأى الكاتب أن هناك بعض المعوقات التي قد تحول دون وصول الطلب على الوقود التقليدي إلى ذروته وبداية انهياره؛ والتي تتضمن عدم وصول القواعد والسياسات والقوانين والإجراءات التي تستهدف التحول الكامل إلى الطاقة النظيفة إلى القدر المطلوب من القوة لتحقيق هذا الهدف. ورأى أيضا أن تراجع الطب على الوقود الأحفوري في الدول المتقدمة قد يعوضه ارتفاع في الطلب في دول الاقتصادات الناشئة والدول النامية.
وقد يكون للطبيعة دور في الإبطاء من وتيرة تحول الطلب على الوقود الأحفوري إلى الهبوط، إذ قد تؤدي الموجات الحارة والجفاف الذي قد ينتج عن بعضها إلى ارتفاع في الطلب على الفحم. وهناك أيضا احتمالات بتراجع في إنتاجية حقول النفط والغاز ومناجم الفحم، والتي قد تقلل بعض المعروض بعض الشيء وترفع الطلب على أنواع الوقود الثلاثة.
كما أشارت الفايننشال تايمز إلى إمكانية أن تؤدي بعض العوامل ذات الصلة بهيكلة بعض الاقتصادات إلى المزيد من ارتفاع الطلب على الوقود الأحفوري، وهو ما يتضح من خلال عدم استبعاد الكثير من الدول خطط الاستثمار في النفط والغاز الطبيعي من موازناتها.