يضع مؤشر المخاطر العالمية كلًا من الصومال واليمن ومصر وليبيا وسوريا والمغرب ضمن قائمة الدول الأكثر عرضة لمخاطر الكوارث الطبيعية والعواقب السلبية لتغيّر المناخ، والتي تشمل مواجهة السكان للزلازل والفيضانات والأعاصير والجفاف.
ويعكس المؤشر مستوى الضعف في الخصائص الهيكلية للمجتمع التي تزيد من معاناة السكان، فضلًا عن القدرات والتدابير المختلفة التي تتخذها المجتمعات لمواجهة الكوارث.
ومع تفاوت القدرات الاقتصادية والتكنولوجية للدول العربية، تتفاوت القدرة على الحد من مخاطر الكوارث من دولة إلى أخرى.
كما أن طبيعة هذه الكوارث تختلف من دولة إلى أخرى؛ فمنها ما يقع على خط النشاط الزلزالي وأخرى أكثر عرضة للفيضانات والجفاف، الأمر الذي يستدعي تباينًا في استعدادات الدول للتصدي لهذه الكوارث.
حجر الزاوية
إلى ذلك، تعد الإستراتيجية الوطنية لكل بلد عربي للحد من مخاطر الكوارث حجر الزاوية على هذا الصعيد، فهي كفيلة بالتقليل من أضرار الزلازل عبر إنشاء مبان لمقاومتها – على سبيل المثال – وتجنب إقامة مشاريع البنية التحتية عند مناطق الأخطار الزلزالية.
أما في ما يتعلق بالكوارث الناجمة عن التغيّرات المناخية مثل الفيضانات والجفاف، فإن حماية النظم البيئية والحواجز الطبيعية للتخفيف من الفيضانات والعواصف والمخاطر الأخرى تبدو أساسية.
وتبدو ضرورة ملحة أيضًا بناء القدرة على التكيّف مع تغيّر المناخ من خلال النظام الإيكولوجي وإدارة الموارد الطبيعية.
وحري القول إن تأثير الكوارث لا يقتصر على الأضرار الآنية، فهي تقوّض منجزات التنمية وتؤدي إلى إفقار السكان.
“المخاطر الطبيعية ستزداد”
في هذا السياق، ترى الباحثة والمستشارة في شؤون البيئة والكوارث الطبيعية شادن دياب، أن الظواهر الطبيعية الكارثية تتفاقم وتظهر بشكل كبير جدًا، مشيرة إلى زلازل تركيا وسوريا والمغرب وفيضانات ليبيا، والجفاف الذي يضرب الدول العربية، والحرائق التي تندلع في حوض البحر المتوسط.
وتقول في حديثها إلى “العربي” من باريس: “في الوطن العربي هناك مناطق هشة من الناحية السكانية ومن حيث الاستعداد لهذه الكوارث”.
وتضيف: كلما كانت هناك هشاشة في الإستراتيجية كانت البلدان أكثر تعرضًا للمخاطر”.
وتعتبر “أننا أمام مخاطر طبيعية ستزداد وتظهر بشكل كبير وعنيف في السنوات المقبلة”، متوقفة عند نظرية “البجعة السوداء”، مشيرة إلى أن ما يحصل الآن من الناحية الإستراتيجية إزاء المخاطر “مردّه ربما لأننا أهملنا شيئًا من حيث النظر إليه، أو أننا لم نكن نراه”.
“تزايد في نوعية الكوارث”
بدوره، يشير رئيس قسم القانون العام في جامعة محمد الخامس عبد الحافظ أدمينو، إلى أن من الكوارث الطبيعية ما يمكن التنبؤ به على غرار الأعاصير والأمطار والسيول، في حين لا يستطيع العلم حتى الساعة التنبؤ بحدوث الزلازل وقوتها.
لكنه يرى في حديثه إلى “العربي” من الرباط، أن التزايد المضطرد في نوعية الكوارث بسبب مجموعة من “الانتقالات المناخية” والبيئة فرضت على الدول أن تعتمد مجموعة من القواعد والقوانين والإستراتيجيات.
وبينما يذكر بقانون في المغرب يتعلق بالتعويض عن الكوارث الطبيعية، يوضح أن هذه الأخيرة عادة ما كانت تتعلق بالكوارث المناخيّة المرتبطة إما بالجفاف أو الفيضانات، لكن استحضار الزلازل اليوم يفرض بالضرورة تدبيرًا جديدًا لمخاطر الكوارث الطبيعية.
“الكارثة في درنة كبيرة جدًا”
من ناحيته، يقول رئيس تجمع أهالي درنة عبد الحميد الحصادي: “للأسف الشديد يبدو أننا نجني نتائج الاحتباس الحراري”.
ويشير في حديثه إلى “العربي” من العاصمة الليبية طرابلس، إلى ما شهدته مدينة درنة من سيول وانجرافات في التربة وانهيار للعديد من المباني التي تقع على ضفاف الوديان، مؤكدًا أن الكارثة كبيرة جدًا.
وبينما يؤكد أن هناك “تقصيرا من الحكومة أو عدم اهتمام بالبنية التحتية لعدة سنوات”، يردف أن الإهمال الذي زادته هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي وعدم الاهتمام بإعادة الإعمار وإعادة صيانة الطرق هو ما أدى إلى هذه الفاجعة.
ويضيف: لا نعلم ما سيكون عليه المشهد بعد الانهيارات في البنية التحتية بالمنطقة الشرقية وبعد الدخول في فصل الشتاء.