يرى أحد المختصين أن المغرب يظهر تصلباً تجاه الدول التي لا تؤيد موقفه بخصوص الصحراء الغربية، وأن هناك إرادة سياسية قوية للإشارة بوضوح إلى الدول التي تدعم موقف الرباط حالياً.
ضرب المغرب مساء الجمعة الفائت زلزال هو الأعنف تاريخياً ما أدى إلى مقتل نحو 2900 شخص على الأقل فيما يسابق المسعفون والمنقذون الزمن آملين في العثور على ناجين.
ويعيش السكان في المناطق المنكوبة في حالة من العوز الشديد، حيث فقدوا ممتلكاتهم، بينما تصل المساعدات ببطء. مع ذلك، يقول ياسر غلزيم، أحد الصحافيين المغربيين من صحيفة Courrier de l’Atlas، إن الشعب المغربي متضامن وذلك يساعد في مواجهة النقص على جميع الصعد.
وإذ اقترحت دول كثيرة من الشرق والغرب تقديم المساعدات الإنسانية للمغرب، لم يقبل الأخير بينها إلا مساعدة دول أربع وهي الإمارات وقطر وبريطانيا وإسبانيا.
والدول الأربعة تربطها علاقات دافئة، تنمو تدريجياً وتتقدم، بالمملكة.
واليوم الثلاثاء، أعلنت الخارجية الجزائرية في بيان أن الرباط رفضت المساعدات الإنسانية الجزائرية، ملمحة في السّطر الأخير من البيان إلى أن السلطات المغربية “وحدها من يتحمل تبعات ذلك”.
مسألة تنسيق وتنظيم
في الرباط، يقول المسؤولون المغربيون إنهم أجروا “تقييماً دقيقاً” لمتطلبات المرحلة ويؤكدون أن المملكة لا ترفض حقاً مساعدات من أحد، مبررين القرار بمخاوف من فوضى ميدانية خصوصاً لناحية التنسيق.
هذا ما أعلنته وزارة الداخلية المغربية في بيانها الأخير الذي جاء فيه التالي “قد يأتي غياب التنسيق في نهاية المطاف بنتائج عكسية”.
قراءات وآراء
- يقول إبراهيم أومنصور المتخصص في العلوم السياسية للمغرب من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية إن الردّ المغربي على عرض المساعدات يحدّد في الواقع الدول الصديقة للمغرب، والدول الأخرى التي تشهد علاقاتها بالرباط فتوراً.
- أما غلزيم فيعارض تلك القراءة ويشدّد على أن المغرب دولة ذات سيادة وأن عدم الموافقة السريعة على المساعدات جاءت من خلفية واحدة، ألا وهي رغبة سلطات الرباط في تجنّب الفوضى.
الملفّات الشائكة أربعة
ترى صحيفة l’Humanité الفرنسية أن الملك محمد السادس، الذي كان في باريس لحظة وقوع الزلزال، يبدو وكأنه يرغب في أن يبقى مُمسكاً بزمام الأمور.
وترى الصحيفة أن خيار الملك واضح، فهو بدّى السياسة على المساعدات الإنسانية التي تأتي في المرتبة الثانية، وبالنسبة له “المساعدة الإنسانية تأتي بعد السياسة”. [Pour le roi du Maroc, l’aide humanitaire passera après la politique]
والوقع أن قراءة الصحيفة تتعارض، أقلّه، مع التصريحات الرسمية، إذ أكدت وزارة الخارجية الفرنسية يوم الإثنين أن الجدل حول مساعدات باريس للرباط “في غير محله”، وذكّرت وزيرة الخارجية كاترين كولونا بأن المغرب دولة ذات سيادة وأنه “لم يرفض أية مساعدات”.
ويرى أومنصور أن هناك أربعة ملفات تعزز الفتور بين باريس والرباط:
- أولاً:تأشيرات الدخول للمغربيين التي يتمّ استخدامها أحياناً بطرق انتقامية
- ثانياً: ملفبيغاسوس والتجسس
- ثالثاً: مسألةالصحراء الغربية
- رابعاً: غياب السفير المغربي لدى باريس منذ أشهر
ويضيف أومنصور أن هناك تصلباً متزايداً لدى الرباط في موضوع الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وإرادة سياسية قوية للإشارة بوضوح إلى الدول التي دعمت الموقف المغربي.
مع ذلك، وفي ظل الوضع الإنساني الصعب جداً في البلاد، لا يستبعد أومنصور أن تطلب الرباط المساعدات الإنسانية في وقت لاحق من باريس، أو غيرها من عواصم القرار العالمية.
بأي حال، لم يكن عنوان صحيفة l’Humanité الوحيد الذي صبّ في هذا الاتجاه، فصحيفة ليبراسيون المحسوبة على اليسار عنونت إحدى مقالاتها “المغرب يغربل المساعدات الدولية” بينما تحدثت إذاعة France Culture “عن دبلوماسية الزلزال التي تنشط في المغرب“.