تركيا تستعد لاستقبال مليون طن حبوب روسية لطحنها وإرسالها لدول أفريقية
تستعد تركيا لاستقبال مليون طن من الحبوب من روسيا لتحويلها إلى دقيق وإرسالها إلى 6 دول أفريقية بدعم من قطر، في الوقت الذي طرحت فيه أوكرانيا على أنقرة خطة لتصدير الحبوب عبر المياه الإقليمية في البحر الأسود دون مشاركة روسيا. وكشفت وسائل إعلام تركية، السبت، عن أنه سيتم نقل مليون طن من الحبوب الروسية إلى تركيا عبر 40 سفينة، عبر ميناءي توابسي ونوفوروسيسك، حيث ستتم معالجتها في تركيا وتحويلها إلى دقيق.
وقالت إن الدقيق سيرسل في المرحلة الأولى إلى 6 دول أفريقية؛ هي الصومال، وإريتريا، وبوركينا فاسو، وزيمبابوي، ومالي وأفريقيا الوسطى، نظراً لافتقارها القدرة على طحن الحبوب. وأضافت أنه بموجب الاتفاق بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين، خلال لقائهما في سوتشي الاثنين الماضي، سيتم شحن الدقيق في مرحلة تالية إلى كل من ليبيا، وتشاد، وإثيوبيا، وجيبوتي واليمن.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي فيرشينين، الجمعة، إن تركيا وقطر استجابتا للمبادرة الروسية بشأن معالجة وتوريد مليون طن من الحبوب للدول الأكثر احتياجاً، وكان رد فعلهما إيجابياً من حيث المبدأ.
وأكد فيرشينين أن هذه المبادرة الروسية الهادفة إلى مساعدة الدول الأفريقية، وغيرها من الدول الأكثر احتياجاً، ليست بديلاً عن اتفاقية الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، التي انسحبت منها روسيا في 17 يوليو (تموز) الماضي، لعدم تنفيذ الشق الخاص بها في الاتفاقية الموقعة بإسطنبول في 22 يوليو (تموز) 2022.
وقال إن «معظم الحبوب التي تم شحنها، بما في ذلك الذرة وحبوب الأعلاف، من خلال أوكرانيا من خلال اتفاقية الحبوب، لم تذهب إلى البلدان الأكثر احتياجاً… لقد تحدثنا عن هذا علناً، والآن نضع مع شركائنا في الاعتبار تلبية هذه الاحتياجات». ولفت إلى أن روسيا تعول على مساعدة قطر في هذا الشأن.
وانتقد الاتحاد الأوروبي السبت، روسيا بسبب «الاستخفاف» بالانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، واصفاً أن عرض تصدير مليون طن من الحبوب إلى الدول الأفريقية كان «محاكاة ساخرة للكرم». وفي كلمة خلال قمة مجموعة العشرين السنوية في نيودلهي، قال شارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي، إن اتفاق الحبوب وفر للدول المعرضة للخطر أكثر من 30 مثلاً للكمية التي عرضتها روسيا على أفريقيا. وقال ميشال في كلمة بشأن اتفاق الحبوب وجهها لممثل موسكو في القمة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «يا لها من سخرية… أنتم لم تقبلوا هذا». وقال: «لم تقرروا الانسحاب من اتفاق (تصدير الحبوب عبر) البحر الأسود هذا فحسب، بل في الوقت نفسه تهاجمون البنية التحتية للموانئ». وأضاف: «أنتم تغلقون الموانئ التي تتيح عبور البحر الأسود، بل والمرور عبر نهر الدانوب».
وقال ميشال: «ما زاد الوضع سوءاً أن روسيا تعرض (تصدير) مليون طن من الحبوب إلى الدول الأفريقية في محاكاة ساخرة للكرم». وأضاف: «يا له من استهزاء وقلة احترام للدول الأفريقية»، وأن اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود أدى إلى تصدير أكثر من 30 مليون طن حتى الآن، معظمها إلى الدول الأكثر ضعفاً.
وبينما تبذل تركيا مع الأمم المتحدة جهوداً لاستئناف العمل باتفاقية ممر الحبوب بالبحر الأسود، التي أتاحت خروج 33 مليون طن من الحبوب من 3 موانئ بأوكرانيا، عبر إقناع الغرب بتنفيذ مطالب روسيا فيما يتعلق بإدراج بنكها الزراعي في نظام سويفت وتأمين السفن، أعلنت كييف عن طرح خطة بديلة للاتفاقية وعرضها على تركيا.
وقال السفير الأوكراني في أنقرة، واسيلي بودنار، إنه نقل إلى الجانب التركي خطة إنشاء ممر حبوب جديد في البحر الأسود لا يشمل روسيا. ونقلت وسائل إعلام تركية عن بودنار، السبت، قوله إن أهم ما يميز الخطة أنها لا علاقة لها بروسيا، مضيفاً: «يمكن تنفيذها من قبل أوكرانيا وتركيا ورومانيا وبلغاريا تحت رعاية الأمم المتحدة».
ولفت إلى أن هناك 4 سفن تجارية غادرت البحر الأسود من ميناء أوديسا في أوكرانيا عبر المياه الإقليمية لرومانيا وبلغاريا وتركيا الشهر الماضي، ويمكن استخدام الطريق نفسها من قبل السفن المحملة بالحبوب.
وأضاف بودنار: «ننتظر رداً رسمياً من تركيا، ونتوقع إجراء مشاورات حول الخطة خلال الأيام المقبلة، أو في إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى كيفية المضي قدماً في تنفيذها».
وعدّ رفع القيود المفروضة على روسيا من أجل استئناف اتفاقية الحبوب سيكون مساراً خاطئاً تماماً، حال حدوثه، مضيفاً: «لا ينبغي أن يستسلم المجتمع الدولي للابتزاز الروسي».
وأعلنت روسيا، بعد انسحابها من اتفاقية الحبوب، أنها ستستهدف السفن التجارية التي تقترب من الموانئ الأوكرانية.
وأكدت تركيا، مراراً، أنها لا تؤيد أي طرق بديلة عن الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، لأن الطرق البديلة غير آمنة، وتواصل جهودها مع الأمم المتحدة من أجل تلبية الشروط الروسية للعودة إلى اتفاقية إسطنبول.
ويتمثل التحدي الأكبر لخطة أوكرانيا في كيفية ضمان الأمن أثناء مرور السفن عبر المياه الإقليمية لها. وقال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، الخميس، إن الأمم المتحدة «تواصل العمل على جميع المستويات للتأكد من إمكانية خروج صادرات أوكرانيا من الغذاء والأسمدة وصادرات روسيا من الغذاء والأسمدة». وكرر المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن جميع شروط استئناف اتفاقية الحبوب من قبل روسيا معروفة جيداً، ويجب الوفاء بها.
وقال بيسكوف، في تصريحات السبت، إن «الرئيس بوتين قال بوضوح إن الشروط معروفة جيداً، وقد تم الاتفاق عليها… يقال الآن إن الغرب مستعد للتعهد بفتح (سويفت) لشركة تابعة لبنك روسيا الزراعي، والحقيقة أن الاتفاقيات تنص على أن (سويفت) يجب أن يكون متاحاً لبنك روسيا الزراعي، وليس للشركة التابعة له». وأكد بيسكوف الحاجة إلى العودة لأساسيات الاتفاقيات التي تم التوصل إليها منذ البداية، والتي تلقت روسيا وعوداً بالوفاء بها منذ فترة طويلة.