قالت الشرطة البريطانية إنه لا أثر للجندي السابق دانييل خليفة الذي فرّ من السجن منذ ما يقارب 48 ساعة.
وقال قائد شرطة العاصمة المشرف على عملية البحث إن الجندي السابق المشتبه بأنه إرهابي كان “ماكراً جداً”.
ويواجه الشاب البالغ من العمر 21 عاماً تهمة التجسس لدولة معادية – فُهم أنها إيران – والتخطيط لوضع قنبلة مزيّفة.
وكشفت الشرطة عن تفاصيل الطريق التي سلكتها شاحنة، تشبّث دانييل بالقسم السفلي منها لتنفيذ فراره من سجن “أتش أم بي واندسوورث”.
وأكّد رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة العاصمة، دومينيك مورفي، أن الآلية التي استخدمها خليفة للهرب، توقفت جنوب غرب لندن أقل من ساعة ومن بعدها أعلن عن اختفائه.
ويعتقد المحققون إن دانييل لا يزال يرتدي زيّ الطاهي الخاص بالسجن، عند تسلّله للفرار من السجن “فئة ب” الذي كان محتجزاً بداخله.
وأكدت شركة “بيدفود” المسؤولة عن توفير الطعام للسجن، أنّ واحدة من شاحنات التوصيل التابعة لها استخدمت في العملية، وأنّ سائق الشاحنة “تعاون بشكل كامل مع الشرطة”.
وقال مورفي إن ذلك “غير معتاد بعض الشيء، وربما هذا الأمر يدل على على براعته (خليفة)، أنّ أحداً لم يشاهده” رغم تلقي الشرطة 50 اتصالاً من الناس قدموا خلالها ” معلومات قيّمة تفيد التحقيق”.
وأضاف أنّ خليفة “قد يمتلك قدرات ربما لا يملكها البعض” كونه جندي مدرّب.
وقال مورفي إنه لا يستبعد أن يكون دانييل قد حصل على مساعدة للفرار وعلى إمكانية للوصول إلى المال.
وانتشر نحو 150 عنصرمن وحدة مكافحة الإرهاب للمشاركة في عملية البحث، منذ الإعلان عن اختفائه صباح يوم الأربعاء.
غادرت الشاحنة التي استخدمها خليفة الساعة 7.32 صباحا في التوقيت المحلي واتجهت غرباً – لكن جرس الإنذار لم يُطلق داخل السجن إلا بعد 20 دقيقة.
ومرّت 25 دقيقة أخرى قبل الاتصال بالشرطة.
وحصلت بي بي سي على مشاهد من كاميرات المراقبة تظهر الشاحنة على بعد ثلاثة أرباع ميل من مكان توقفها، ويبدو أن خليفة لم يعد معلقاً بها.
وصوّر أحد المارة الآلية أثناء تفتيشها من قبل عناصر الشرطة حيث رصدت عند الساعة 8.37 على بعد ثلاثة أميال عن السجن.
وكان خليفة قد غادر بحلول هذا الوقت، لكن الشرطة عثرت على الحزام الذي استخدمه لمساعدة نفسه على التشبث بأسفل الشاحنة.
ويعتقد أن لدانييل ارتباطات في منطقة كينغستون جنوب غربي لندن، وشمال غرب إنجلترا. ويتركز البحث في لندن.
وقال مورفي إن “من الممكن جداً” أن يكون دانييل قد غادر البلاد، وشددت الإجراءات الأمنية في الموانئ والمطارات.
وروى رجل على منصة إكس إن أحدهم اعتقد خطاً أنه دانييل خليفة، واتصل بالشرطة.
وانتشرت صور للشرطة تتحدث إليه في محطة قطارات في أوكسفوردشاير.
وقال إنه قدم إثباتا على أنه ليس الشخص المطلوب بعد استجوابه 20 دقيقة من قبل الشرطة وبعد أخذ بصماته.
كيف فرّ من السجن؟
بعد ساعات على فراره، أثيرت تساؤلات حول سبب عدم احتجاز خليفة في سجن شديد الحراسة، وحول كيفية تسلّله عبر السياج.
وأمر وزير العدل ألكس شالك، بإجراء مراجعة عاجلة لتصنيف السجن في واندوورث، وجميع أولئك المتهمين بقضايا إرهابية.
وقال أمام مجلس العموم إنه سيتم العثور على خليفة و”إنه سيواجه العدالة”.
وقالت وزيرة الداخلية في حكومة الظلّ إيفات كوبر لبي بي سي إن السجن – الذي استقبل في السنوات الأخيرة عددا أكبر من السجناء يفوق طاقته بنسبة 60 إلى 80 في المئة. وكان معروفا أنه يعاني من الاكتظاظ ونقص الموظفين.
وأضافت أن الفرار يظهر “أنه كان هناك فشل” وأنه على “أي حكومة أن تتأكد من أن أمنها القومي يأخذ على محمل الجد، ويتبغي على الوزراء الاستجابة للتحذيرات التي ترسل إليهم”.
وقال رئيس “نقابة ضباط السجون” مارك فيرهاست، إن الاتحاد يتحدث منذ 2010 عن أن “التخفيضات (ميزانية السجون) لها تداعيات”.
رئيس المحققين السابق في شؤون السجون نيك هاردويك قال لبرنامج “نيوزنايت” على بي بي سي إن الحادث “خطير للغاية”، لأنه “مهما كان الخطأ الذي وقع في سجن واندوورث، من الواضح أنه أحد أعراض أزمة أوسع بكثير…في نظام السجن بشكل عام. لكن صدقاً، الإجراء الذي اتخذوه كان متأخراً قليلاً”.
وأضاف: “ما فعلناه بتهوّر، هو الدفع بزيادة عدد نزلاء السجن دون توفير الموارد الازمة لإدارة ذلك. بعيداً عن جعل الأمر أكثر أماناً لنا، أصبح الأمر أقل أماناً”.
وقال مدير سجني بلمارش وبريكستون لبرنامج “وان” على إذاعة بي بي سي الرابعة، إنه كان ينبغي وضع خليفة في سجن بلمارش – شديد الحراسة الأمنية – في جنوب شرق لندن.
سو سيم، رئيسة شرطة نورثامبريا التي أشرفت على مطاردة الشرطي السابق الهارب من السجن “راوول موت” والذي كان محتجزا بتهمة القتل، قالت لبي بي سي إنه يبدو أن عملية الفرار تضمنت “عنصر التنظيم”.
ورجحت أن “أن يكون أحدهم قد انتظره في الخارج، وتمكنوا من نقله إلى مكان آمن”.
وقالت صحيفة الإنبندنت نقلاً عن مصادر في المخابرات، تأكيدها أنه حصل “على مساعدة من الداخل”.
من هو دانييل خليفة وما هي التهم الموجهة إليه؟
انضمّ دانييل خليفة إلى الجيش عام 2018، وكان مركزه في ثكنة تابعة لوزارة الدفاع في ساتفورد، حين توارى عن الأنظار في 2 يناير/كانون الثاني على خلفية مزاعم تدبير خدعة بقنبلة مزيّفة.
وورد أن دانييل عمل مهندساً لشبكة الكمبيوتر في الفيلق الملكي للإشارات – وهو الجهاز الذي يعتبر ذراع الجيش البريطاني للاتصالات.
وأفادت صحيفة الإندبندنت بأن هناك معلومات تشير إلى أن والده من أصل إيراني.
وقالت الصحيفة إنه وفق المعلومات التي وردتها، عمل خليفة في فوج الإشارة 22، وكان بإمكانه الوصول إلى أحدث المعدات الدفاعية الكهربائية.
وكشفت جلسة الاستماع في محكمة في ويستمنستر عن مزاعم وضعه أجهزة مزيفة “بقصد دفع شخص آخر على الاعتقاد بأن الأجهزة قد تنفجر أو تشتعل”.
جرى توقيفه” في 26 يناير/كانون الثاني بعد “جهود مكثفة للبحث عنه”، وفق ما جاء في جلسة المحكمة. ووضع في سجن واندوورث بعد يومين.
وكان على خليفة أن يمثل في نوفمبر/تشرين الثاني لمواجهة تهم من بينها التحضير لعمل إرهابي، وجمع معلومات مفيدة للعدو.
وقد نفى جميع التهم الموجهة إليه في يوليو/تموز.