بين فرنسا ودول الخليج سلسلة من صفقات الأسلحة التي تدر عوائد مالية على باريس، وتضعها في مصاف الشريك الضامن لأمن المنطقة، وتساهم في تطوير الترسانات العسكرية لتلك الدول، وتنويع مصادر تسليحها.
وتثير زيارة وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو للخليج بين 6 و11 سبتمبر/أيلول الجاري، التساؤلات حول الصفقات ومجالات التعاون العسكري التي قد يتم الاتفاق عليها.
وأعلنت الوزارة الفرنسية إن زيارة لوكورنو إلى السعودية هي “الأولى لوزير جيوش فرنسي منذ خمس سنوات” وتندرج في إطار “ديناميكية استئناف المحادثات” وستتضمن لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وكذلك وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان.
وفي الكويت، من المقرر أن يلتقي نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الشيخ أحمد فهد الأحمد الصباح وأن يتطرقا إلى “التعاون على مستوى العمليات” على أن يتضمن جدول أعمال المحادثات موضوع “تدريب العسكريين”.
ومن المقرر أيضاً أن يلتقي جنوداً فرنسيين متمركزين في الكويت ضمن عملية “العزم الصلب” وهو تحالف دولي يحارب تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
أما في الإمارات العربية المتحدة، فمن المتوقع أن يلتقي لوكورنو الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ووزير الدفاع محمد البواردي. وسيزور أيضاً القوات الفرنسية في الإمارات، بحسب الوزارة الفرنسية.
فما هي أبرز صفقات الأسلحة بين دول الخليج وفرنسا؟
تعد فرنسا من بين أكثر خمس دول تصديراً للأسلحة في العالم، وازدادت مبيعات الأسلحة لديها بنسبة 72 بالمئة بين عامي 2015 و2019.
وقد استقطبت منطقة الشرق الأوسط والأدنى غالبية مبيعات الأسلحة الفرنسية عام 2022.
وبحسب تقرير لمعهد ستوكهولم لبحوث السلام الدولي الصادر عام 2023، جاءت كل من السعودية وقطر ومصر، ضمن أكثر عشر دول تستورد السلاح في العالم.
تشترك دول الخليج في اتفاقيات تعاون دفاعي وصفقات أسلحة مع فرنسا منذ تسعينيات القرن الماضي.
وكانت الكويت أول من وقّع اتفاقاً دفاعياً مع فرنسا عام 1992، تم تجديده عام 2009. أما الإمارات فلحقت بها بعد ثلاث سنوات.
وفي عام 2009، تمركزت قوة فرنسية دائمة في الإمارات قوامها أكثر من 650 عنصراً، إضافة إلى توقيع عقود تسلّح ضخمة، لتصبح أبو ظبي خامس أكبر زبون للمعدات العسكرية الفرنسية في السنوات العشر الأخيرة، بحسب الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
وحقّقت المبيعات الفرنسية من الأسلحة مستوى قياسياً بلغ 27 مليار يورو عام 2022، وفق مجلس النواب الفرنسي، ويرجع ذلك إلى عقد أبرمته باريس مع الإمارات لشراء الأخيرة 80 مقاتلة “رافال”، بلغت قيمته 16 مليار دولار.
وفي عام 2016، أقرّت فرنسا تصاريح بتوريد أسلحة تصل قيمتها إلى 18 مليار يورو للسعودية. وبعد عامين، أعلنت فرنسا عن توقيع اتفاقية حكومية جديدة مع الرياض لإبرام صفقات الأسلحة.
وجاءت فرنسا في المرتبة الثانية لموردي الأسلحة للسعودية بنسبة 6.4 بالمئة، واحتلت المرتبة عينها بالنسبة لقطر بـ 29 بالمئة، والثالثة بالنسبة للكويت بـ 9 بالمئة، في الفترة ما بين 2018 و2022.
وفي العام 2015، وقّعت فرنسا والكويت اتفاقاً لتزويد الأخيرة بأسلحة ومعدات عسكرية بقيمة مليار ونصف المليار يورو، شملت 30 طائرة من طراز “كاراكال”، ومركبات مدرعة، وتحديث سفن خفر السواحل.
وباعت فرنسا 24 طائرة لقطر بقيمة 6.3 مليار يورو في العام نفسه. وبعد عامين، أعلنت قطر توقيع صفقات أسلحة وإنجاز مشاريع بنى تحتية بقيمة 14 مليار دولار مع شركات فرنسية، اشترت بموجبها 12 طائرة حربية من نوع “رافال”، ونحو 500 عربة عسكرية، و50 طائرة إيرباص لنقل المسافرين.
وأثارت الشراكة الفرنسية مع كل من الإمارات والسعودية انتقادات لباريس من قبل مؤسسات حقوقية، لدعمها نظامين متهمين بانتهاكات لحقوق الإنسان كما التورط في الصراع في اليمن، الأمر الذي دفع بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الطلب من الرياض وأبو ظبي عدم استخدام أسلحة فرنسية الصنع في النزاع.
ولم يقتصر المجال العسكري بين فرنسا ودول الخليج على صفقات أسلحة. في عام 2018، شاركت فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وباكستان، في مناورات عسكرية، بالمنطقة الشرقية في السعودية، تحت اسم “درع الخليج 1”.
فأي نوع من التعاون والصفقات قد ينجم عن زيارة وزير الجيوش الفرنسي للدول الخليجية الثلاث؟