دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — بعد خوضهما عددًا من جولات التلقيح الاصطناعي الفاشلة، والمشاكل الصحية، ووفاة كلبهما المحبوب، رأى الزوجان الأمريكيان جيسون لوبان وسيلينا ميدلين أنهما بحاجة إلى تغيير المشهد.
وخطّط الزوجان اللذان عاشا سابقًا في أوكلاند، كاليفورنيا، لزيارة الأندلس في إسبانيا، قبل أشهر، لكنهما لم يكونا متأكدّين من المضي قدمًا في الرحلة ذلك أنّ صحة لوبان الذي يعاني من خلل التوتر العضلي، وهو اضطراب نادر في الحركة، بدأت تتدهور.
وقالت ميدلين لـ CNN إنهما كانا يفكران “في كيف يستعيد صحته مجددًا”، قبل أن تشير إلى أن لوبان كان حزيناً أيضاً على فقدان صديق له ومعلّم، “لذلك كنّا حجزنا لهذه الإجازة، لكنّنا لم نكن متأكدين مما إذا كان في وسعه السفر”.
وبحسب ميدلين، قررا “السفر” في نهاية المطاف، ما أن عاد لوبان ينام بشكل أفضل لأنه كان يعاني من الأرق.
مغامرة إسبانية
وأضافت ميدلين التي كانت تمارس مهنة المحاماة حينها، أنه في ذلك الوقت: “اعتقدنا أننا ربما نحتاج إلى فترة راحة. إذا ابتعدنا عن كل شيء، ربما نشعر بالتحسن”.
وكان أحد الأصدقاء قد أوصى الزوجين منذ عام 2009، بقضاء بعض الوقت في روندا، البلدة الواقعة في مقاطعة ملقة الإسبانية، لذلك قررا حجز ليلتين هناك.
لكن لم يكن بإمكان أي منهما أن يتوقع أن ينتهي الأمر بهما في الانتقال إلى هناك بعد بضعة أشهر فقط!
في مايو/ أيار 2016، سافرا جوًا إلى مدريد، وقضيا بعض الوقت في العاصمة، ثمّ عرّجا على توليدو وقرطبة وإشبيلية، قبل التوجه إلى روندا.
وقال لوبان، اختصاصي الوخز بالإبر: “عندما غادرنا إشبيلية متجهين إلى روندا، تغيّر شيء ما. الأرض، الطاقة، كانت جميع النباتات تُزهر.
وتابع: “كانت هذه الألوان في كل مكان. وقد شعرنا بالصدمة من مدى روعة الأمر فيما كنا نواصل صعودنا في السيارة”.
وعندما وصلا إلى المدينة، كان هناك مهرجان ، الأمر الذي حدّد مسار بقية عطلة نهاية الأسبوع.
احتفل الزوجان بعيد ميلاد ميدلين الثامن والثلاثين في روندا، وقالا إنهما اندهشا من مدى ودية الجميع.
ولفت لوبان من ولاية أوريغون في حين أنّ ميدلين من تكساس، إلى أن “كل العناصر اجتمعت لمدة يوم أو اثنين فقط خلال وجودنا هنا”.
وبعدما أنهيا زيارتهما للمدينة الجميلة، اتجها نحو غرناطة قبل العودة إلى الولايات المتحدة. لكن روندا بقيت معهما.
حياة رائعة
واعترف لوبان أنهما عادا “إلى حياتنا التي أدركنا أنها كانت سيئة للغاية مقارنة بتجربتنا في روندا”. وأضاف أنّه عاد يعاني من الأرق في أمريكا.
وأشار إلى أنّ كليهما “من دون علم الآخر، نظرا في مواقع المكاتب العقارية بغية الاطلاع على أسعار الإيجارات في روندا. وكانت كلفتها عُشر ما كنا ندفعه في كاليفورنيا”.
وفي إحدى جلسات البوح حول معاناتهما المتعلقة بالخصوبة، شرعا بمناقشة ما يرغبان به في حياتهم إذا لم يتمكنا من إنجاب الأطفال.
وتذكّر لوبان أنّ سيلينا قالت حينها: “إذا لم ننجب طفلًا، أريد أن تكون حياتي رائعة للغاية”. وأجبتها: “حسنًا، كيف ذلك”؟
وتوافقا على فرصة العيش في بلد آخر، وتجربة ثقافة مختلفة، وتعلم لغة جديدة ربما كان الحل، وطبعًا كانت إسبانيا الآن على رأس قائمتهما.
وبعد إجراء دراسة للكلفة أدرك الزوجان أنه في إمكانهما العيش في روندا لمدة عام، شرط أن يبيع لوبان ممارسته للوخز بالإبر في كاليفورنيا، وهو ما تمكن من القيام به خلال ستة أسابيع.
ثم قاما بتقليص جميع ممتلكاتهم “من سيارتين ومنزل كامل إلى حقيبتين”، وحجزا شقة على موقع Airbnb في روندا وقتيًا ريثما يجدان بيتًا للإيجار.
وعاد الثنائي إلى مدريد في سبتمبر/ أيلول 2016.
العودة النهائية التي لا عودة عنها
Credit: Selena Medlen and Jason Luban
يقول لوبان: ”بعد أربعة أشهر من مغادرتنا روندا، عدنا إليها كي نبقى.
لكن رغم أن المدينة بدت أشبه بمكان سحري عندما زاروها قبل بضعة أشهر، كانت أقل جاذبية بكثير عندما عادوا بعد وقت قصير من مهرجان فيريا دي بيدرو روميرو، وهو مهرجان مخصص لمصارعة الثيران.
أوضحت ميدلين: “لقد وصلنا يوم الأحد، لذلك كان ذلك بعد المهرجان. فكان كل شيء كان مغلقاً”.
وتابعت: “كانت البلدة ميتة نوعاً ما ولم تتح لهما الفرصة للتنظيف [من المهرجان] بعد. لذلك كانت تجربة مختلفة حقًا”.
مازح لوبان أنهما وجدا أنفسهم يسيران بحقائبهما يفكران: “يا إلهي، ماذا فعلنا بحياتنا؟”
رغم معرفتهما سابقًا بأنه سيكون لديهما الكثير من الخيارات للإيجارات طويلة الأمد ما أن يصبحا في روندا، إلا أنه تبين أن الأمر ليس بهذه السهولة، وعانيا للعثور على مكان مناسب في البداية.
كما أن الأسعار كانت أعلى قليلاً ممّا توقعاه، رغم أنها لا تزال أدنى مما كانا يدفعانه في كاليفورنيا.
ثم تسجلا في مدرسة اللغات من أجل تعلم اللغة الإسبانية، ما شكل نقطة تحول هائلة بالنسبة لهما.
تعترف ميدلين أنّه “ربما يكون هذا هو سبب بقائنا. لأنه كان مكانًا رائعًا لتكوين مجتمع”.
وانتسبا إلى فصول تدريس مختلفة أربع مرات في الأسبوع، وتمكنا من مقابلة مغتربين آخرين ومناقشة تجربتهما معهم، ما ساعدهما كثيرًا.
وبما أن لوبان يحمل الجنسيتين الأمريكية والألمانية، فإنه لم يكن بحاجة إلى تأشيرة للعيش في إسبانيا. غير أن هذا الأمر لم ينسحب على ميدلين.
جودة الحياة
كان في حوزتهما مالًا يكفي لتغطية عام من العيش في إسبانيا من دون عمل.. لذا كان على الزوجان البدء بكسب المال مجددًا من أجل تمديد فترة إقامتهما هناك.
ولحسن الحظ، تمكنت ميدلين من تولي العمل عن بعد مع شركات محاماة في الولايات المتحدة، وأطلق لوبان موقعًا إلكترونيًا يقدم من خلاله المشورة للمهنيين الآخرين حول كيفية بيع ممارسة طبية.
وقال لوبان: “أود أن أقول إننا ننفق خُمس ما ننفقه على الطعام هنا، مقارنة بكاليفورنيا. وثُمن إلى عُشر نفقات معيشتنا هناك. وُثمن القيمة التي كنا ندفعها على الرعاية الصحية”.
وتابع: “لم يكن لدينا فكرة عن مدى تحسن نوعية حياتك عندما لا تحاول دفع كل هذه الفواتير”.
يحاول كلاهما العمل حوالي 20 ساعة في الأسبوع، ويقولان إنهما تمكنا من العيش بشكل مريح بهذه الطريقة لأنّ أموالهما تحقق لهما أكثر بكثير في إسبانيا.
وأضافت ميدلين: “لدينا أيضًا المزيد من الوقت لطهي الطعام، فاستغنينا عن الوجبات الجاهزة. كما لدينا المزيد من الوقت لممارسة الرياضة. لذلك أشعر أننا نتمتع بصحة أكثر”.
بعد سبع سنوات من الانتقال إلى روندا، استقر الزوجان، وبات لديهما كلب اسمه لولا سوبرنوفا.
ويقولان إنهما يقيّمان قرارهما كل عام، ويفكران في ما إذا كانا يرغبان بالبقاء في إسبانيا أو العودة.
كما انهما اختارا عدم شراء منزل هناك حتى يتمتعا بمزيد من الحرية.
وتشرح ميدلين: “نريد أن نبقي الأمور بسيطة وأن نتحلى بالمرونة حتى نتمكن من تغيير رأينا والذهاب إلى مكان آخر في حال قرّرنا ذلك”.