نبدأ جولتنا من صحيفة فايننشال تايمز، ومقال رأي بعنوان “وضع ترامب كبطل مخالف للعرف يجعله لا يمكن إيقافه” كتبته جيميما كيلي.
يتناول المقال محاكمة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أمام محكمة في ولاية جورجيا الأمريكية مؤخرا بتهمة التآمر لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، وما كان يأمله خصومه من أن ذلك قد يؤدي إلى تراجع شعبيته.
وعلى الرغم من أن ترامب أصبح أول رئيس أمريكي سابق يتم التقاط صورة شخصية له من قبل الشرطة، في تجربة قد يراها البعض مهينة ومذلة، ورغم توجيه أربع لوائح اتهام و91 تهمة جنائية، وقيامه بجولة قسرية في قاعات المحاكم في فترة تسبق الانتخابات الرئاسية المرتقبة، إلا أن خصومه حتما يشعرون الآن بدرجة ما من خيبة الأمل، حسب الكاتبة.
“صورة أيقونية”
وكتبت: “منذ نشر صورة ترامب في سجن مقاطعة فولتون بولاية جورجيا – والتي تظهره وهو يتخذ وضعية بلطجي، ويقطب حاجبيه ويحدق عينيه بعناد نحو الكاميرا – فقد زاد تقدمه فقط”.
ويتقدم ترامب الآن بأكثر من 50 نقطة عن أقرب منافسيه الجمهوريين، رون ديسانتيس، في بعض الاستطلاعات، وأظهر استطلاع للرأي أجرته مجلة ذا إيكونوميست وشركة “YouGov” للأبحاث هذا الأسبوع أنه سيفوز في جولة الإعادة بينه وبين جو بايدن، حسب الكاتبة.
وفي متوسط استطلاعات موقع RealClearPolitics، لا يزال الرئيس الحالي متقدما، ولكن بأقل من نقطة مئوية.
وبعيدا عن العمل ضده، أصبحت صورة ترامب أيقونية على الفوركما قال إيلون ماسك على موقع “إكس”، تويتر سابقا، بل إن ترامب نفسه استخدم منصة ماسك لأول مرة منذ أن تم حظره في يناير/ كانون الثاني عام 2021 لمشاركة الصورة، إلى جانب رابط لموقعه على الإنترنت حيث يمكن لمؤيديه تقديم التبرعات.
“وقالت حملته إنها حققت أكثر من 9.4 مليون دولار منذ نشر الصورة، بما في ذلك 864 ألف دولار من بيع 24 ألف كوب قهوة مطبوع عليها الصورة، و1.7 مليون دولار من القمصان”.
وترى الكاتبة أن كثيرين يشعرون بالقلق من أن كل مشاكل ترامب القانونية تحوله إلى “شهيد”، لكن الأمر ربما ليس كذلك لأن هذا يعني أن ترامب يتعرض للاضطهاد بسبب نوع ما من المعتقدات أو المبادئ الراسخة لديه، بينما هو لا يملك أيا منهما، باستثناء الإيمان بنفسه.
“ترامب هو البطل الأمريكي المخالف للعرف”.
وتوضح الكاتبة أن هذا المصطلح يرتبط عادة بالشخصيات الخيالية، أو الشخص الذي يلعب الدور المركزي في القصة على الرغم من عدم امتلاكه لأي من الفضائل المرتبطة بالشخصية البطولية التقليدية.
وتوضح الكاتبة أن البطل في الرواية قد يرتكب أفعالا شريرة أو يتورط فيها، لكنه ليس شريرا خالصا.
“وعلى نحو مماثل، قد يكون ترامب كاذبا ومحتالا، ويظهر ازدراء للديمقراطية، وقد أُدين بتهمة الاعتداء الجنسي، لكنه لا يخلو من كل أنواع السمات التعويضية: الكاريزما، الجاذبية، القدرة على التواصل، القدرة الهائلة على التحمل، والقدرة على أن يكون شخصا مضحكا جدا من بين أمور أخرى”.
وترى الكاتبة أن هناك نقطة قوة أخرى تلعب دورا كبيرا في جاذبية ترامب، وهي أنه لا يخشى أن يقول أشياء لن يقولها الآخرون.
وتساءلت: هل يستطيع أحد التغلب على بطل مخالف للعرف، وكيف؟ معتبرة أن عالمنا الحقيقي يعاني نقصا في الفضائل المرتبطة بالبطولة التقليدية مثل الشجاعة، التواضع، الصدق، والثبات، و”هذا للأسف يجعل وضع ترامب – الذي يترسخ كبطل مخالف للعرف – يشكل تهديدا متزايدا”.
“تحريف التاريخ”
ننتقل إلى صحيفة الغارديان التي كتبت افتتاحية بعنوان “وجهة نظر الغارديان حول التاريخ الروسي: الماضي هو عمل مستمر”.
تستهل الصحيفة افتتاحيتها بالإشارة إلى تصريحات البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، التي أدلى بها مؤخرا في رسالة مصورة لجمع من الشباب الكاثوليك الروس، وأشاد فيها بالإرث الإمبراطوري “لروسيا العظمى في عهد الإمبراطور بطرس الأول، وكاترين الثانية”.
ووصف الكرملين هذه التصريحات بأنها “مرضية للغاية”، بينما رد الأوكرانيون بغضب، واتهموا البابا باستخدام نقاط الحوار الروسية.
وشدد الفاتيكان على أن البابا لم يقصد الإشادة بالإمبريالية الروسية، وقد أدان مرارا وتكرارا غزو أوكرانيا.
وكتبت الصحيفة: “لكن الماضي مليء بالتضاريس المحفوفة بالمخاطر بشكل خاص، لأن (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين جعل منه ساحة معركته. وعلى الرغم من أنه عاد مؤخرا إلى الوراء، نحو الإمبراطورية، فإن روايته القومية لروسيا العظمى والأقوى تعتمد في المقام الأول على انتصار الاتحاد السوفييتي في الحرب العالمية الثانية”.
لقد سبق غزو فبراير/ شباط الماضي مقالة مؤلفة من 7000 كلمة كتبها بوتين، بعنوان “حول الوحدة التاريخية بين الروس والأوكرانيين”.
كما تصور الكتب المدرسية الجديدة “العملية العسكرية الخاصة” كجزء من المهمة التاريخية لروسيا.
“ولكن في حين أن هوسه بالماضي قد تزايد في السنوات الأخيرة، إلا أنه كان واضحا قبل ذلك بكثير. وفي عام 2009، شكلت الحكومة لجنة خاصة (لمواجهة محاولات تزوير التاريخ). ومع تزايد الاستياء من قيادته، تكثفت الجهود الرامية إلى غرس التاريخ (الصحيح) واستهداف البدائل”.
وترى الصحيفة أن السلطويين في مختلف أنحاء العالم يستمعون إلى مقولة الحزب في رواية جورج أورويل 1984: “من يسيطر على الماضي يسيطر على المستقبل، ومن يسيطر على الحاضر يسيطر على الماضي”.
وأشارت الصحيفة إلى أن ممارسة بوتين باستلهام وتحريف التاريخ موجودة في دول أخرى، مثل المجر وبولندا والهند “حيث تم تعديل الكتب المدرسية مؤخرا لإزالة الإشارات إلى معارضة المهاتما غاندي للقومية الهندوسية، وحذف الفصول التي تتحدث عن تاريخ أباطرة المغول المسلمين”.
واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى نكتة قديمة في العهد السوفيتي تقول: “المستقبل مؤكد في ظل هؤلاء القادة، بينما الماضي هو الذي أثبت أنه لا يمكن التنبؤ به”.
قانون حظر التجديف
وأخيرا نختتم جولتنا من صحيفة الأوبزرفر، ومقال بعنوان “قانون حظر التجديف ليس هو الحل للتعصب في أعقاب حرق القرآن في الدنمارك”،
كتبه كنان مالك.
يتناول المقال مشروع قانون اقترحته حكومة الدنمارك لتجريم إهانة الرموز الدينية، وتصل عقوبة هذه الجريمة إلى السجن لعامين.
ويأتي الحظر المقترح بعد سلسلة من الحوادث في السويد والدنمارك حيث تم حرق القرآن علنا، ما أثار غضبا في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
ويرى الكاتب أن أي قانون يجرم أي نوع من التجديف هو أمر غير مقبول، وتجب معارضته.
وكتب: “إن قوانين حظر التجديف مرفوضة، ليس فقط لأنها تسعى إلى فرض معايير دينية على أولئك الذين لا يؤمنون، أو الذين يؤمنون بإله مختلف، ولكن أيضا لأنها بذلك تخدم حماية السلطة السياسية أيضا”.
ويرى كنان مالك أن “حرق الأشياء الرمزية، سواء الكتب أو الأعلام، كان لفترة طويلة جزءا من تقليد الاحتجاج، وفي عصر يتم فيه تقليص الحق في الاحتجاج بشكل مستمر ــ حتى داخل الديمقراطيات الليبرالية ــ لا ينبغي لنا أن نستغني عنه بسهولة”.
إن هؤلاء الغاضبين من حرق القرآن لا يهتمون بالدفاع عن المسلمين الذين يواجهون الإرهاب والوحشية الحقيقيين مثل أقلية الإيغور في الصين، بل يحاولون ببساطة الاستفادة من هذه القضية في دعم سلطتهم السياسية، وفق الكاتب.
وأشار إلى أن العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة، بما في ذلك باكستان وإيران والسعودية وتركيا ومصر، قاموا باحتجاز أو تسليم الإيغور إلى الصين.
واختتم: “لمعارضة التعصب ضد المسلمين، نحتاج أيضا إلى معارضة القيود المفروضة على التجديف. وفي الدفاع عن حرية التعبير، يجب علينا أيضا أن نقف ضد التعصب أينما ظهر. إن القيام بأحد الأمرين دون الآخر لا يعني الجدية في أي منهما”.