وجَّه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، بإنشاء غرفة أمنية في مصراتة، في خطوة وُصفت بأنها تهدف إلى صد «تمرد» تشكيلات مسلَّحة بقيادة صلاح بادي، آمر ما يُعرَف بـ«لواء الصمود»، بالمدينة الواقعة غرب البلاد، في حين دعا محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، الأحد، «المشككين» في قانونية تشكيل اللجنة المالية العليا، إلى «الطعن أمام القضاء».
ثوار مصراتة وعلى راسهم الحاج صلاح بادي يعلنون تفعيل المجلس العسكري لمدينة مصراتة .JMC pic.twitter.com/318fixhWF9
— J. M .C (@jamalachref1) September 2, 2023
وبعد ساعات من إعلان «المجلس العسكري» بمصراتة إعادة تفعيل نشاطه ثانيةً، مساء السبت، كلَّف الدبيبة قواته، خلال اجتماع حكومته، بإنشاء غرفة أمنية؛ «لغرض توحيد الجهود» داخل نطاق مصراتة، و«تعميم النموذج على سائر البلديات مستقبلاً».
وشدَّد الدبيبة على أهمية «ترتيب الجهود والتنسيق بين الأجهزة الأمنية؛ لتفادي وقوع أي خروقات أمنية، واعتماد خطة مشتركة بين الأجهزة الأمنية؛ لتطبيقها على نطاق البلدية».
ولم تمنع قرارات الدبيبة حالة الاحتقان المتصاعدة لدى التشكيلات العسكرية بمصراتة.
ومنذ مساء السبت، تشهد شوارع مصراتة حشداً ضخماً من أرتال عسكرية، مع تهديد مجموعة من كتائب (المجلس العسكري) بالتحرك ضد حكومة الدبيبة، رداً على اجتماع وزيرة خارجيته المُقالة مع نظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين، في العاصمة الإيطالية.
وأصدرت قوة مسلَّحة من كتائب «المجلس العسكري – مصراتة» بياناً ضد حكومة الدبيبة، وأعلنت، من خلاله، رفضها التدخلات الأجنبية في البلاد.
وتلا خالد الفرجاني، القيادي بالمجلس، البيان، وسط مجموعة من المسلَّحين، وقال: «نحن، اليوم، نؤكد دور المجلس العسكري – مصراتة بوصفه مظلة تأسست تحتها الكتائب والسرايا التي دافعت عن مدينة مصراتة وأهلها عندما تخلّى عنها الجميع ولم تجد إلا أُسودها وأشبالها الذين لهم الشرف والعزة».
وأضاف الفرجاني: «نحن لن نرضى بأن يكون وطننا رهينة لأي أجندات خارجية تضرُّ أمننا وسيادة وطننا ووحدة أراضيه، كما ندعو كل المدن لتفعيل مجالسها العسكرية، للتنسيق الكامل فيما يمكن القيام به في مقبل الأيام».
وأعلن صلاح بادي، المُعاقَب دولياً، وآمر ما يُعرَف بـ«لواء الصمود»، وأحد القياديين بـ«المجلس العسكري – مصراتة»، العزم على التدخل «بالقوة»، «لإزاحة الموجودين في السلطة»، ممن اتهمهم بأنهم «خونة وعملاء».
وأضاف، وسط حشد من المسلَّحين: «بلادنا يجب أن تكون بأيدٍ أمينة، وليس بأيدٍ عميلة خائنة منبطحة مطبعة».
واستبَق بادي هذا البيان باجتماعه في مصراتة، مع إبراهيم بن غشير، واللواء مصطفى نوح، رئيس جهاز الاستخبارات سابقاً، بحضور قادة عسكريين آخرين من المدينة، وجرى الاتفاق على عدد من النقاط؛ من بينها «وحدة الصف داخل مصراتة بخاصة، وبقية المدن الليبية بعامة، وذلك بتوحيد جهود (حراك 17 فبراير) الذي يقوده بن غشير، بالإضافة لتفعيل المجلس العسكري مصراتة بقيادة بادي».
ولوحظت آليات مدرَّعات في مصراتة بقيادة بادي، في استعراض عسكري، في حين اعتبر البعض أن الخطوة تستهدف «تهديد حكومة الدبيبة، وتعيد التوتر إلى العاصمة».
وكان اتحاد ما يُعرَف بـ«ثوار مصراتة» قد أعلن، عقب واقعة «المنقوش – كوهين»، أنه «لم يعد يعترف» بحكومة الدبيبة؛ لكونها «لم تقم بالمهامّ المناطة بها بشأن الانتخابات وصياغة الدستور»، داعياً إلى تشكيل حكومة تسيير أعمال تشارك فيها مكونات الشعب الليبي كافة، وتكون ذات اختصاصات محددة.
في شأن مختلف، أبدى محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، استغرابه ممّا سماه «التشكيك» في قانونية تشكيل اللجنة المالية العليا، بعد مرور أكثر من 60 يوماً على تشكيلها، وقال: «الدائرة الدستورية مفعّلة، ويمكن الطعن أمامها».
وأكد المنفي، خلال الاجتماع الخامس للجنة المالية العليا، الأحد، في مدينة سبها (جنوباً)، أن مجلسه «حريص على ضرورة تبديد مخاوف كل الأطراف وتطلعها للمشاركة دون إقصاء أو تهميش أو انتقائية في إدارة موارد البلاد، ونجدِّد دعوة كل المؤسسات إلى التواصل المباشر مع اللجنة حول خططها ومخصصات تنفيذها».
وحثّ المنفي «الجميع على عدم الخروج عن الإجماع الوطني والدولي، واحترام مقررات اللجنة عبر وضعها حيز التنفيذ»، مجدداً دعوة الوزارات المعنية و«المصرف المركزي» إلى الإسراع في تقديم البيانات المالية المفصلة، وخصوصاً المتعلقة بالباب الثالث، للعام الماضي.
وقال المنفي، الذي اجتمع أيضاً بمسؤولي وأعيان وحكماء فزان، في سبها: «من خلال هذا الاجتماع نقطع الطريق أمام المشككين في قدرتنا جميعاً على مواصلة تفعيل هذه الآلية الوطنية التي لم يتمكن الليبيون خلال أكثر من 10 سنوات على العمل بها بسبب الانقسامات والحروب»، متابعاً: «اليوم أصبحت واقعاً خلق شعور التفاؤل لدى شعبنا ولقيت ترحيباً دولياً صريحاً غير مسبوق».
وانتهى المنفي إلى أن اللجنة المالية «ماضية في واجبها الوطني، والمدعوم بوضوح من قِبل مجلس الأمن بالإجماع، اتساقاً مع حزمة قراراته بالخصوص، ومنها الاتفاق السياسي، وخارطة الطريق».
في شأن مختلف يتعلق ببدء العام الدراسي في ليبيا، قال الدبيبة، الأحد، إن نحو 6 آلاف مدرسة تفتح أبوابها للطلاب في عامهم الدراسي الجديد؛ «بفضل مشاريع عودة الحياة في قطاع التعليم». وحرص على الجلوس بين الطلاب، وقال إن حكومته «أنجزت ألفي فصل جديد، وأن المدارس تستقبل أكثر من 2.3 مليون طالب».
وأكد الدبيبة استمرار الحكومة في مشروع إنشاء 1500 مدرسة، موضحاً «أن عملية البناء وفّرت أكثر من 10 آلاف فرصة عمل بشكل مباشر في قطاع التعليم».
وأضاف الدبيبة «أن حكومة الوحدة الوطنية نجحت في توحيد العملية التعليمية بعد 6 سنوات من الانقسام، وتوحيد المنهاج وتطويره للحد من الإهدار المالي على مشاريع منقسمة، إضافة إلى اعتماد منظومة موحدة للامتحانات، وخطة دراسية شاملة».