ويحرص الزوار من المثقفين خاصة والأدباء في التوافد إلى المعرض في أيامه الأولى؛ تحسباً لنفاد نسخ بعض الكتب، ولأجل أخذ قدر كاف من التجوال بين أروقة المعرض التي تعج بأرباب العلم وحملة القلم؛ مما يهيئ فرصة الالتقاء بين أهل العلم والأدب وتبادل أسرار الثقافة، ومطارحة كل جديد، وعرض نتاجهم الثقافي على أصحاب الصنعة؛ ممن بلغوا شأواً كبيراً في العلم، إذ لم يعد معرض الكتاب مكاناً لتسويق الكتب فقط؛ بل أضحى وسيلة للتعارف بين المثقفين، ومسرحاً للندوات والتبادل المعرفي والتلاقح الفكري.
ويخيل لمن يزور ‘معرض الرياض الدولي للكتاب’، في سنواته الأخيرة ويرى الندوات الثقافية المختلفة تقام في أركانه، ونقاشات المثقفين بين سرادقه، أنه في أحد أسواق العرب الموسمية القديمة التي كانت تُعقد في أماكن مختلفة من شبه الجزيرة بطريقة دورية، ويأتيها العرب من كل الأرجاء، فيتاجرون ويسمعون المواعظ والخطب ويتنافرون ويتفاخرون ويتناشدون الشعر.
وفي رصد لحركة الأدباء داخل أروقة المعرض، التقت ‘واس’، بعدد من المثقفين، لأخذ انطباعاتهم عن المعرض وتلمس مشاعرهم حول التقاء المثقفين فيه، يقول ‘قاسم بن خلف الرويس’، وهو مؤلف وناشر: ‘معارض الكتب بشكل عام، ملتقى للناشرين، وكل من له علاقة بالثقافة، فقد التقيت خلال الأيام الماضية في المعرض بمثقفين كثر وتحدثت معهم ما لم أتحدثه في ال 12 شهراً الماضية’، فطوال فترة المعرض التقى بالأصحاب الذي تربطني بهم أواصر فكرية وعلمية وأدبية، ومن ثم تدور نقاشات على هامش المعرض، واقتراحات حيال الكتب، ونستفيد من المعلومات والترشيحات للموضوعات الجديدة، فكل يلفت نظرك إلى موضوع جديد وصدور كتاب لاتعلم عنه، ويرشدونك إلى دور النشر التي لديها إصدارات مميزة تدخل في تخصصك لم تعرف عنها من قبل، لذلك فالمعرض ملتقى مميز ومختلف يجمع أصحاب الثقافة المشتركة ، وننتظر هذا المعرض؛ لكي نلتقي بالأصحاب والمثقفين والناشرين والمؤلفين ونتبادل معهم الأفكار والآراء في كل يوم من أيام المعرض، وتمضي الساعات فيه كأنها دقائق وتمضي الأيام، وكأنها ساعات’.
ويقول ‘الدكتور حمد بن عبدالله العنقري’ أستاذ التاريخ بجامعة الملك سعود: ‘معرض الرياض الدولي للكتاب سوق كبير للثقافة، يقام كل عام، ويلتقي فيه الباحثون والباحثات والمثقفون والمثقفات، وهو من أكبر المعارض العربية من ناحية السوق الاقتصادية له، فهو ظاهرة ثقافية مميزة تقام على هامشه الندوات والمحاضرات واللقاءات الحوارية المهمة’.
أما ‘الدكتور محمد بن عبدالله المشوح’، صاحب ومؤسس دار الثلوثية ومنتدى الثلوثية الثقافي، فيقول: ‘ تشكل المملكة اليوم، قبلة ثقافية علمية كبرى؛ لذا يرتقب العالم العربي معرض الرياض الدولي للكتاب، لأنه كرنفال عربي، بل عالمي ينتظره الجميع كل عام، وفيه يلتم شمل المثقفين الذين يلتقون بين أروقته وممراته.
ويكمل: ‘نحن نرابط إن صحت التسمية طيلة الأيام العشرة في المعرض؛ لكي نلتقي بالنخبة من المثقفين والكتّاب والمؤلفين الذين لانراهم إلا في هذه الفرصة السانحة، حيث نتداول معهم مؤلفاتهم ونستمع منهم عن رؤيتهم لمستقبل الكتاب، وكذلك نسائلهم عن مشاريعهم الثقافية القادمة، فالمعرض في مجمله يشكل أجمل فرصة وأثمن لقاء يمكن أن ينتج عنه مشاريع علمية لدور النشر والمثقفين، حيث تتلاقح الأفكار وتتوارد الأذهان، ومن هنا نحن نبتهج كل عام ونترقب كل لحظة لنحضر المعرض ويلتم الشمل على مائدة الكتاب الكبرى’.