كتب – إيمان على
الإثنين، 25 سبتمبر 2023 08:00 ص
الخروج بمصر للنور وإنهاء حكم جماعة الإخوان كان يبدو أمرا مستحيلا، وذلك بعدما دخلت نفقا مظلما دفعتها إليه دفعا الأحداث العاصفة التى مرت بها البلاد عقب يناير 2011، مرورا بفترة حكم الجماعة الإرهابية، التى عاثت فى البلاد فسادا، فكان حلم ملايين المصريين إنهاء هذا الاحتلال، ليقرر المصريون تغيير مستقبل بلادهم للأفضل، فهبوا عن بكرة أبيهم فى مشهد ملحمى عظيم بـ30 يونيو 2013 بتدفق الملايين فى كل شوارع البلاد من إسكندرية إلى أسوان ومن السلوم وحتى رفح، مطمئنين بأن هناك قائدا عظيما لجيش مصر، ويعلمون تمام اليقين أنه لن يخذلهم.
كان هو أملهم فى الخلاص، فيلبى الفريق أول السيسى، وزير الدفاع وقتها، نداء الملايين بالاستجابة لمطالب الشعب وإنهاء حكم الجماعة وإعلان خارطة الطريق فى 3 يوليو، ولعل حديثه السابق لثورة 30 يونيو بث حالة من الطمأنة والارتياح فى القلوب، إذ عكس انحيازه الكامل للشعب، خاصة حينما قال خلال عرض أوبريت «حبيبى يا وطن»: «لا تقلقوا أبدا على بلدكم مصر.. المصريون لما أرادوا التغيير غيروا الدنيا كلها.. إحنا إدينا تنقطع قبل ما تمسكم».
الخلاص من حكم الجماعة كان شبه مستحيل وحلما لم يكن ليتحقق إلا بوجود قائد شجاع، وضع روحه على كفه، تصدى هو ورجاله ببسالة يشهد لها القاصى والدانى لتهديدات الإخوان، وكان لسيناء النصيب الأكبر من تلك العمليات الإرهابية، وجاءت ملحمة جديدة تبرز العلاقة بين الرئيس السيسى والشعب فى 26 يوليو 2013، عندما دعا السيسى جموع المصريين لتفويضه فى مكافحة الإرهاب، وكان أعظم يوم شهد حضورا جماهيريا وحشودا شعبية لم نرها من قبل ولا من بعد، وحشودا لا نظير لها والتى كانت فى نهار رمضان.
بعدما استجاب الفريق أول السيسى لمطالب الملايين، وأنهى اختطاف جماعة الإخوان لمصر، كان من المنطقى أن يطالبه الشعب بأن يكون قائدا وربانا لسفينة الوطن، فظهرت حملات شعبية كبرى وحملة توقيعات ضخمة فى كل ربوع مصر تطالبه بالترشح للرئاسة، وحملت اسم «كمل جميلك»، وخرجت المظاهرات المؤيدة له.
رضخ المشير السيسى ليعلن اعتزامه الترشح فى 26 مارس 2014، وقد عمت الفرحة فى البيوت والشوارع والأزقة والميادين فى كل أرجاء المحروسة، ليبدأ فصلا جديدا من تاريخ مصر الحديث.
فوز كاسح فى 2014 و2018
فى 3 يونيو 2014 أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فوز السيسى بـ96.91% من الأصوات، أى 23 مليونا و780 ألفا و104 أصوات، بينما حصل حمدين صباحى على 757 ألفا و511 صوتا، وبلغت نسبة المشاركة 47.45% لتجسد شعبية السيسى الكاسحة، وتسلم السلطة فى 8 يونيو، ومن وقتها تغير الحاضر ليكتب تاريخ ميلاد جديد للدولة، ومع تنصيبه امتلأت الشوارع بالأجواء الشعبية والهتافات والأغانى الوطنية المختلفة، والجميع هتفوا: «بنحبك يا سيسى»، و«السيسى هو رئيسى»، واصطفوا خلف قائدهم فى حرب الدولة ضد الإرهاب الغاشم.
وحفلت فترة الرئاسة الأولى بزخم كبير من الإنجازات، إذ أنجزت مصر 11 ألف مشروع بنحو 2 تريليون جنيه، أبرزها قناة السويس الجديدة، ووثق 19 يناير 2018 إعلانه الترشح لفترة ثانية، وأظهرت النتائج النهائية فوزه بنسبة 97.08% من إجمالى الأصوات ليحصد 21 مليونا و835 ألفا و837 صوتا.
وصف الرئيس حقيقة ما عانت منه مصر، وكيف كانت التجربة المصرية ملهمة وقوية فى حديث مسبق له، خلال القمة العالمية للحكومات بدبى، استعرض خلالها المدى الزمنى للتجربة: «بتتكلم فى 2011 فوضى كاملة.. 2011 و2012 و2013 الدولة قائمة وفى فصيل عاوز يهد الدنيا.. الشعب تغير.. تفجير مدارس وكنائس ومساجد وبنية تحتية.. كان المصرى يقول إدونا الأمان ومش عاوزين ناكل.. النهاردة الإرهاب بقى تاريخ.. كادت مصر أن تضيع.. ومحدش نجى إلا مصر.. واجهنا تحديات متوازية».
شعبية تقتحم الملفات الشائكة
ورغم أن السمة التى غلبت على السياق السياسى المصرى مع أغلب الرؤساء السابقين، كانت تأجيل الملفات المهمة والقرارات الصعبة خوفا على الشعبية، فإن تلك النظرية لم تقف أمام رؤية الرئيس السيسى وخططه الإصلاحية، فاقتحم الملفات الشائكة والمهجورة، إذ بعد أسابيع قليلة من فوزه برئاسة مصر، تحدث عن شعبيته بعد أول خطوة باتجاه برنامج الإصلاح الاقتصادى، وأعلن خلال خطاباته: «بيقولولى الناس مش هتحبك، ما يجراش حاجة، بس مش هتبقى مصر كده، ماكانش ينفع أحط اعتبارات الشعبية وحب الناس وأفضل نفسى على مصلحة البلد، لأنكم استدعيتونى لإنقاذ وطن، ولو خفت يبقى أنا خنت الأمانة»، لتؤكد السنوات التالية الرؤية الثاقبة للرئيس.