قرر رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية التي تتّخذ طرابلس مقرا لها، عبد الحميد الدبيبة، أن يوقف وزيرة خارجيته نجلاء المنقوش عن العمل احتياطيا بعد الإعلان الأحد عن لقاء بينها وبين نظيرها الإسرائيلي الأسبوع الماضي.
وقالت حكومة الدبيبة في بيان نشر على فيسبوك مساء الأحد إنها قررت وقف المنقوش “عن العمل احتياطيا” على أن “تحال إلى التحقيق”، مشيرة إلى أن لجنة للتحقيق ستشكل برئاسة وزيرة العدل.
وشهدت مدن ليبية مظاهرات للتنديد باللقاء الذي أعلنت الخارجية الإسرائيلية بالأمس إنه جرى في روما في الأسبوع الماضي.
من هي نجلاء المنقوش؟
أصبحت نجلاء المنقوش أول ليبيّة تتولى حقيبة الخارجية في بلدها، ضمن الحكومة الانتقالية الجديدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي منحها البرلمان الثقة في 10 مارس/آذار عام 2021.
وبذلك انضمت المنقوش لقائمة صغيرة لوزيرات الخارجية العربيّات وهن: الناهة بنت حمدي ولد مكناس (2009)، أول وزيرة خارجية موريتانية، وأول وزيرة خارجية في الدول العربية؛ وفاطمة فال بنت اصوينع (2015)، من موريتانيا أيضا؛ والسودانية أسماء محمد عبد الله (2019).
ونجلاء المنقوش هي أستاذة قانون، ومحامية في القانون الجنائي، وتركز في بحوثها وعملها على عملية الانتقال من الحرب إلى السلم وبناء السلم، وفقا لما جاء في سيرتها الذاتية المنشورة على موقع مركز الأديان العالمية والدبلوماسية وحل النزاعات (CRDC).
حصلت على الماجستير في القانون الجنائي من جامعة قاريونس (حالياً جامعة بنغازي)، ثم ماجستير إدارة الصراع والسلم من جامعة إيسترن مينونايت ثم دكتوراة إدارة الصراع والسلم من جامعة جورج مايسون
وكانت قد حازت على منحة برنامج فولبرايت الشهيرة (Fulbright) لتدرس الماجستير في مجال تحويل النزاعات من مركز العدالة وبناء السلام (CJP) في الولايات المتحدة الأمريكية.
وجاء في التعريف نفسه عنها أنها عملت ممثلة محليّة لمعهد الولايات المتحدة للسلام في ليبيا، كما عملت في المجلس الانتقالي الوطني.
هجوم بسبب تصريحات حول القوات التركية
بعد وقت قصير من توليها منصب وزيرة الخارجية عام 2021، أثارت المنقوش جدلاً في ليبيا بعد تصريحاتها بأن حكومتها مصرة على انسحاب القوات التركية من البلاد.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد تحدثت عن تعرض المنقوش لسوء المعاملة بعد مطالبتها بخروج القوات التركية والأجنبية المسلحة من ليبيا. وذكرت الصحيفة أن ميليشيا مسلحة اقتحمت فندقاً في طرابلس يجتمع فيه المجلس الرئاسي وأعربت عن غضبها من وزيرة الخارجية.
وزعم بعض معارضي المنقوش أنها من مؤيدي اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد “الجيش الوطني الليبي” المتمركز في شرق البلاد.
وقال هؤلاء إن دعواتها لمغادرة تركيا لم تقابلها انتقادات لوجود مرتزقة روس في ليبيا، في حين يرى أنصارها أنها كانت متوازنة في دعوتها جميع القوات الأجنبية للرحيل عن الأراضي الليبية.
هل تسببت تصريحات حول أزمة لوكيربي في إيقافها عن العمل؟
يُذكر أن المجلس الرئاسي الليبي قد علّق سابقا مهام وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، قبل أيام من انعقاد مؤتمر دولي في باريس عام 2021، كان يهدف للتحضير للانتخابات الرئاسية في البلاد.
وقالت المتحدثة باسم المجلس نجلاء وهيبة لقناة بانوراما ليبيا التلفزيونية، إن المجلس فتح تحقيقا في “الانتهاكات الإدارية” التي يُزعم أن المنقوش ارتكبتها، دون الدخول في تفاصيل.
وفي ذلك الحين، نص القرار الصادر عن المجلس الرئاسي على منع وزيرة الخارجية من السفر لحين انتهاء التحقيق معها، وتشكيل لجنة تحقيق برئاسة عبد الله اللافي نائب رئيس المجلس، على أن ترفع تقريرها في مهلة أقصاها 14 يوما.
واتهم المجلس الرئاسي الليبي حينها المنقوش بعدم التنسيق معه في قضايا السياسة الخارجية.
يأتي ذلك على خلفية صراع سياسي داخلي أعقب حوار أدلت به لـبي بي سي حول أزمة لوكيربي التي تعود لعام 1988.
كانت ليبيا قد اعترفت في 2003 بمسؤوليتها عن تفجير الطائرة الأمريكية فوق بلدة لوكيربي الاسكتلندية.
وثار الجدل بعد أن تحدثت الوزيرة الليبية مع بي بي سي حول إمكانية ترحيل متهم ليبي جديد في التفجير إلى الولايات المتحدة.
أخبرت المنقوش بي بي سي بأن الحكومة الليبية مستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بقرار الترحيل، وأضافت أنه يتم إحراز تقدم في هذا الشأن.
وتابعت الوزيرة: “نتفهم الألم والحزن اللذين يشعر بهما الضحايا وأسرهم”.
وكانت الحكومة الليبية في ذلك الوقت قد قالت إن المجلس الرئاسي ليس له صلاحية إيقاف الوزيرة عن العمل أو التحقيق معها، وإن المنقوش ستواصل عملها.