- Author, نياز فاروقي
- Role, الخدمة العالمية بـ بي بي سي
- Reporting from دلهي
في عام 2011، دخل الباكستاني غولزار خان الهند بطريقة غير قانونية، وتزوج حبيبته وأخفى هويته الحقيقية عنها على مدى ثمانية أعوام إلى أن اعتُقل. وهو الآن ينتظر قرار السلطات الهندية بشأن ما إذا كانت سترحله إلى باكستان.
نادرا ما تكلل قصص الحب العابرة للحدود بين الهنود والباكستانيين بالنجاح، فالعلاقات متوترة بين الجارتين اللتين خاضتا ثلاثة حروب منذ أن أصبحتا دولتين مستقلتين في عام 1947. يصعّب ذلك حصول المواطنين من أي من الدولتين على تأشيرة دخول إلى الدولة الأخرى.
وقد تعرض العديد من الهنود والباكستانيين لمشكلات مع السلطات بعد عبورهم الحدود بطريقة غير شرعية من أجل الحب. وفي الأعوام الأخيرة، أرجع هؤلاء الذين حظيت قصصهم باهتمام إعلامي الفضل في التقائهم إلى شبكة الإنترنت.
في حالة غولزار خان ودولت بي، بدأت القصة برقم خطأ.
ينحدر خان من منطقة سيالكوت بإقليم البنجاب الباكستاني (هناك ولاية تسمى البنجاب في الهند أيضا، إذ إن المنطقة قُسمت إلى جزئين خلال تقسيم الدولتين في عام 1947). أما بي فهي من سكان ولاية أندرا براديش الواقعة في جنوب الهند.
يقول خان، الذي كان في السابق عامل طلاء جدران بالسعودية، إنه كان يحاول التواصل مع زميل سابق له من الهند في عام 2009. وعندما لم يتمكن من الاتصال به، حاول إعادة ترتيب رقم الهاتف قليلا، ظنا منه أنه ربما أخطأ في كتابته.
تقول بي: “أحد تلك الترتيبات العشوائية أوصلته إليّ”.
كانت بي قلقة بعض الشيء من الحديث إلى شخص غريب، على حد قولها. لكنه ألح في التواصل معها.
يقول خان إنه أخبر بي خلال المكالمة الأولى أنه من البنجاب، لكنه لم يحدد أنه من البنجاب الباكستاني. كما أنه لم يخبرها بأنه مسيحي – على مدى سنوات – حتى بعد زواجهما، وقد افترضت بي أنه مسلم مثلها.
على مدى العامين التاليين، تحدث الاثنان بشكل دوري عبر الهاتف.
تقول بي، التي كانت أرملة وأما لطفل آنذاك، إن أقاربها وجيرانها كانوا يسخرون منها لأنها كانت تتحدث معه.
تقول: “كنت أقول له إنه ربما كان من الأفضل أن أموت”. لكنه وعدها بأنه سيأتي إليها ويتزوجها.
يزعم خان أنه قام بعدة محاولات غير ناجحة للحصول على تأشيرة سفر من السفارة الهندية في السعودية.
وفي نهاية المطاف، قرر انتحال صفة مواطن هندي. يقول: “أخبرت [السلطات] أنني فقدت جواز سفري، وأنني مواطن هندي وأرغب في العودة إلى الهند”، ويضيف أنه أعطى سلطات السفارة بطاقة هوية تحتوي على صورة بالأبيض والأسود لرجل هندي يشبهه.
يقول إن السفارة احتجزته وأصدرت له وثيقة استثنائية، ثم رُحل إلى الهند. وقد تواصلت بي بي سي مع السفارة الهندية في السعودية لطلب تعليقها على القصة.
وصل خان إلى مدينة حيدر أباد الهندية في يناير/كانون الثاني عام 2011، وفي غضون أسابيع، تزوج هو وبي وأقاما في قريتها الواقعة بمنطقة نانديال بولاية أندرا براديش. ولدى وصوله، استجوبته الشرطة لكن لم تُسَجل أي قضية ضده.
على مدى الأعوام الثمانية التالية، عاش الاثنان معا وأنجبا أربعة أطفال، حيث عمل خان في حرفة طلاء جدران المباني. ويقول إنه نجح في استصدار بطاقة هوية بيومترية حديثة وغيرها من وثائق إثبات الهوية.
يقول خان إنه قطع كافة صلاته بعائلته في باكستان خلال تلك الفترة. بل إن عمه زار السعودية في محاولة لاكتشاف ما حدث له.
وقالت شقيقته، شيلا لال، التي تعيش في مدينة روالبيندي بباكستان، في تصريحات لقسم اللغة الأُردية بـ بي بي سي: “ظننا أنه ربما يكون قد تعرض لحادث”.
ويقول خان: “بعد أن عشت مع أسرتي الجديدة، بدأت أعتبر نفسي هنديا”. لكنه يضيف أنه بدأ يشعر بالحنين إلى الوطن، وقرر زيارة باكستان مرة أخرى.
في عام 2019، ألقي القبض عليه في محطة قطارات بولاية تيلانغانا الهندية المجاورة بينما كان يحاول مغادرة الهند مع زوجته وأولادهما، ووُجهت إليه اتهامات بدخول البلاد بطريقة غير قانونية وتزوير وثائق رسمية.
ووفقا لتقارير إخبارية، كانت وكالات الاستخبارات قد رصدت مكالمات هاتفية أجراها خان مع باكستان. ولم يستجب فريق التحقيق الخاص التابع لشرطة حيدر أباد والذي يتولى قضية خان إلى طلب التعليق الذي تقدمت به بي بي سي.
وعندما ألقي القبض عليه، اكتشفت بي أخيرا أن خان كان مسيحيا من باكستان. تقول: “لقد تعاركت مع الشرطة، وقلت لهم إنه من البنجاب. ثم أخبروني بأن هناك إقليما اسمه البنجاب في باكستان أيضا، وأنه من هناك”.
تقول بي إنها شعرت بالصدمة في البداية عند سماعها الحقيقة، لكنها تصالحت مع الأمر فيما بعد. تتساءل: “ما أهمية ذلك الآن؟”
في أعقاب اعتقال خان، طلبت بي مساعدة أهل قريتها وجمعت تبرعات لتغطية نفقات الدفاع عنه. وقد أصدرت محكمة محلية أمرا بالإفراج عنه بكفالة في عام 2020، وما زالت الإجراءات القانونية مستمرة لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان يجب ترحيله.
في فبراير/ شباط عام 2022، اعتقل خان مرة ثانية بعد أن أصدرت حكومة تيلانغانا قرارا باحتجاز من وصفتهم بـ “المهاجرين غير الشرعيين” في الولاية.
ثم أصدرت المحكمة العليا بالولاية أمرا بالإفراج عنه إلى أن يتم البت في قضية ترحيله.
لا ينفي خان الاتهامات الموجهة إليه، ويعترف بأنه مواطن باكستاني تظاهر بأنه هندي. وصرح لبي بي سي قائلا: “لقد نلت ما أستحق. ليس لدي أية شكاوى”.
وينتظر الزوجان حاليا قرار المحكمة بشأن ما إذا كانا يستطيعان أن يواصلا العيش معا، سواء في الهند أو باكستان.
تقول بي: “أتمنى فقط أن تنتهي المشكلة بالطريقة التي نتمناها”.