في خطوة اعتبرها البعض مؤشرا على “أسلمة” الكويت، أعلنت جامعة الكويت إلغاء الاختلاط بين الجنسين داخل الفصول الدراسية، إلا في حال دعت الضرورة إلى ذلك.
مدير جامعة الكويت بالإنابة الدكتور، فايز منشر الظفيري، أكد التزام الجامعة بتطبيق قانون منع الاختلاط في الفصول الدراسية، لافتا إلى أن الجامعة تعمل على تجنُّب وجود اختلاط في فصولها الدراسية، إلا عند وجود حالات استثنائية فعلية تقتضي ذلك.
وقال الظفيري: “الأصل في الشُعَب الدراسية في الجامعة هو انفصال الإناث عن الذكور، إلا إذا اقتضت الضرورة عكس ذلك”، مؤكداً التزام الجامعة مراجعة الشُّعب الدراسية وإلغاء المشتركة منها، وهو ما قد يؤثر بحسب مراقبين على بداية العام الجامعي، إذ يبدأ التدريس في السابع عشر من سبتمبر/ أيلول الجاري.
هذا التطوّر، وصفه بعض الطلاب في تصريحات تداولها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي بأنه أمر سيدّمر مستقبل نحو 3500 طالب، إذ لا يمكن لجامعة الكويت أن تعيد تسجيل هذا الكم من الطلاب، قبل أيام فقط من بدء العام الجامعي.
وكان النائب الكويتي محمد هايف المطيري- وهو أحد النواب الذين يطالبون منذ فترة بمنع الشعب المختلطة – أعلن أن لجنة تعزيز القيَم في مجلس الأمة، التي يرأسها، ناقشت في اجتماعها مع وزير التربية والتعليم العالي والبحث العلمي، عادل المانع، وعدد من الإداريين في جامعة الكويت، قضيتَي منع الاختلاط والتشبّه بالجنس الآخر.
“تطبيق القانون”
ولفت المطيري إلى أن الفصل بين الطلبة والطالبات في الجامعة ومنع الاختلاط يندرج في إطار تطبيق القانون رقم 24 لسنة 1996، إذ تنص المادة الأولى منه على التالي: ” في سبيل الوصول إلى الوضع الشرعي الأمثل، تقوم الحكومة خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون بتطوير المباني القائمة، لكليات ومعاهد ومراكز جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، بما يضمن منع الاختلاط بوضع أماكن خاصة للطالبات في المباني وقاعات الدرس والمختبرات، والمكتبات والأنشطة والخدمات التربوية والإدارية وجميع المرافق، على أن تلتزم عند تصميم المباني التي تستحدث بالمتطلبات السابقة”.
المطيري أشار إلى أنه “تم التفاهم مع وزير التربية ومدير جامعة الكويت على إلغاء الشُعَب المختلطة التي تخالف القانون، سواء في كلية الحقوق أو في جميع الكليات التي تضم شُعَبا مختلطة، لأن القانون لا يزال ساريا”.
وأضاف: “قبل القانون، هناك أخلاق الشعب الكويتي والشريعة الإسلامية التي وضعت معايير وضوابط، للحفاظ على أخلاق الشباب الكويتي في وجه الفتنة أو أي مسألة أخرى تخالف الشريعة”.
هذا القرار وصفه رئيس حزب المحافظين المدني، حمّاد النومسي، بأنه ضربة للحريات العامة والخاصة وللديمقراطية التي لطالما تغنّت بها الكويت في محيطها الخليجي، مستبعدا أن يتم تطبيقه في جامعة الكويت، إذ أن الاختلاط موجود في جميع الإدارات الرسمية من مجلس الأمة إلى الوزارات وشركات القطاع الخاص.
واعتبر النومسي في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي أن هذا القرار هو “عملية انتقائية لا تقوم على أساس عملي أو حتى قانوني”، وهو أمر يهدف برأيه إلى تحقيق أجندات أخرى بعيدا عن الأهداف المعلنة.
وكانت المحكمة الدستورية في الكويت، برئاسة المستشار يوسف المطاوعة، قد أصدرت في عام 2015 حكما يقضي بأنه يكفي تخصيص أماكن في القاعة الواحدة للذكور والإناث، ما يعني فعليا السماح للجنسين بالاختلاط في المباني والقاعات نفسها.
في هذا السياق، أكدت المحامية والناشطة في حقوق المرأة في الكويت، نيفين معرفي، أن منع الاختلاط سيؤثر سلبا على المجتمع الكويتي الذي باتت صلاحياته تتقلّص يوما بعد يوم.
واعتبرت السيدة نيفين، في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي، أن الاختلاط في الجامعة أمر طبيعي ومنعه ينعكس سلبا على صحة الطلاب النفسية، إذ لا يعقل أن يذهبوا إلى سوق العمل وهي سوق مختلطة، وهم آتون من بيئة تمنع الاختلاط، بحسب رأيها.
وأضافت: “يجب أن يكون الاختلاط المباح شرعا أمرا مسموحا، فهذا أمر صحي ويساعد في مرحلة التوظيف والحياة بشكل عام”، معتبرة أن “منع الاختلاط يتعارض مع الدستور الكويتي، الذي يسمح بحرية التنقّل والفكر والانسجام ما بين مكوّنات المجتمع الكويتي”.
في المقابل اعتبر المحلل السياسي، عيد الفضلي، أن الاختلاط مرفوض شرعا وأيضا في التقاليد الكويتية، لكنه أوضح أن الاختلاط الموجود حاليا في جامعة الكويت لا يعتبر اختلاطا، في حال كان الذكور يجلسون في مكان والإناث في مكان آخر، لافتا إلى أن الطالبات سيذهبن لاحقا إلى سوق العمل حيث الاختلاط بشكل طبيعي.
المسألة أثارت ردود فعل على منصة أكس (تويتر سابقا)، وانتشرت وسوم #الشُعب_المختلطة، #جامعة_الكويت و #منع_الاختلاط.
ويأتي هذا الإجراء بعد سلسلة من الاقتراحات المثيرة للجدل، كاقتراح إلزام النساء بالزي الإسلامي لدى ممارستهن حق الانتخاب والترشّح، وآخر يتعلق بحظر عمليات التجميل والوشم.
في هذه الأثناء، علمت بي بي سي عربي أنه يجري التحضير لتحرّك قضائي بين مجموعة من المحامين والطلاب لوقف إلغاء الشُعب المختلطة، من خلال رفع دعوى مستعجلة أمام المحكمة الإدارية.