- Author, جوناثان بيل
- Role, مراسل شؤون الدفاع
علمت بي بي سي أن طيارا روسيا حاول إسقاط طائرة استطلاع تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني بعد أن اعتقد أنه حصل على إذن بإطلاق النار.
وأطلق الطيار صاروخين، أخطأ الأول هدفه، ولم يكن هناك عطل كما ادعى حينها.
وكانت روسيا قد زعمت أن الحادث الذي وقع في سبتمبر/ أيلول الماضي نجم عن “عطل فني”.
وقد قبلت وزارة الدفاع البريطانية علنا التفسير الروسي.
لكن ثلاثة مصادر دفاعية غربية رفيعة المستوى على علم بالحادث قالت لبي بي سي إن الاتصالات الروسية التي اعترضتها طائرة سلاح الجو الملكي البريطانيآ آر سي 135 ريفيت جوينت RC-135 Rivet Joint تعطي صورة وتفسيرا مختلفين تماما عن الرواية الرسمية.
وكانت طائرة سلاح الجو الملكي البريطاني- التي يصل عدد أفراد طاقمها إلى 30 فردا- تحلق في مهمة مراقبة فوق البحر الأسود في المجال الجوي الدولي في 29 سبتمبر/ أيلول من العام الماضي عندما واجهت طائرتين مقاتلتين روسيتين من طراز أس يو 27.
وتظهر الاتصالات التي تم اعتراضها أن أحد الطيارين الروس اعتقد أنه حصل على الإذن باستهداف الطائرة البريطانية، بعد أمر غامض من محطة أرضية روسية.
لكن الطيار الروسي الثاني لم يفعل ذلك. واحتج وشتم الطيار الآخر عندما أطلق الصاروخ.
وعادة ما تكون طائرات ريفيت جوينت مزودة بأجهزة استشعار لاعتراض الاتصالات. وكان من الممكن أن يتمكن طاقم سلاح الجو الملكي البريطاني من الاستماع إلى الحادث الذي كان من الممكن أن يؤدي إلى وفاتهم.
ولكن وزارة الدفاع البريطانية لن تنشر تفاصيل تلك الاتصالات.
وردا على هذه الاكتشافات الجديدة، قال متحدث باسم وزارة الدفاع: “كان هدفنا دائما حماية سلامة عملياتنا، وتجنب التصعيد غير الضروري وإخطار الجمهور والمجتمع الدولي”.
ما الذي حدث؟
عندما اقتربت الطائرتان الروسيتان من طراز أس يو 27. من طائرة التجسس التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، تلقتا اتصالا من وحدة التحكم في المحطة الأرضية الروسية.
وقال مصدر غربي لبي بي سي إن الكلمات التي تلقوها كانت مفادها “الهدف متاح لك”.
هذه اللغة الغامضة فسرها أحد الطيارين الروس على أنها إذن بإطلاق النار.
وقالت المصادر إن اللغة الفضفاضة أظهرت على ما يبدو درجة عالية من عدم الاحترافية لدى الطيارين الروس. وفي المقابل، يستخدم طيارو الناتو لغة دقيقة للغاية عندما يطلبون الإذن بإطلاق النار والحصول عليه.
أطلق الطيار الروسي صاروخ جو-جو، وكان الإطلاق ناجحا لكنه فشل في إصابة الهدف، حسبما علمت بي بي سي. لقد كان خطأ في إصابة الهدف، وليس عطلا.
وقالت مصادر دفاعية لبي بي سي إن خلافا اندلع بعد ذلك بين الطيارين الروسيين.
إذ لم يعتقد طيار الطائرة الروسية الثانية أنه حصل على الإذن بإطلاق النار.
ويقال إنه شتم زميلة الطيار الآخر، وسأله فعليا عما يعتقد أنه كان يفعله.
ومع ذلك، أطلق الطيار الأول صاروخا آخر.
وقد قيل لنا أن الصاروخ الثاني سقط ببساطة من الجناح- مما يشير إلى أن السلاح إما تعطل أو أن الإطلاق قد تم إحباطه.
ما قالته وزارة الدفاع البريطانية، حدث بالفعل
وبعد ثلاثة أسابيع، أكدت حكومة المملكة المتحدة وقوع الحادث، عقب أن وصفه تفسير من وزارة الدفاع الروسية بأنه “عطل فني”.
وفي بيان أمام مجلس العموم البريطاني في 20 أكتوبر/ تشرين الأول، وصف وزير الدفاع آنذاك، بن والاس، الأمر بأنه “اشتباك قد يكون خطيرا”.
لكنه تقبل التفسير الروسي قائلا: “لا نعتبر هذا الحادث تصعيدا متعمدا من جانب الروس، وتحليلاتنا تتفق على أنه كان بسبب خلل ما”.
ما قالته الولايات المتحدة، حدث أيضا
ومع ذلك، كشف تسريب استخباراتي سري أن الجيش الأمريكي تحدث عما حدث بعبارات أكثر وضوحا.
وفي مجموعة من الوثائق، التي نشرها الطيار الأمريكي، جاك تيكسيرا على الإنترنت، تم وصف الحادث نفسه بأنه “كاد يُسقط الطائرة البريطانية”.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن “الحادث كان أكثر خطورة بكثير مما صُور في الأصل وكان من الممكن أن يرقى إلى مستوى عمل من أعمال الحرب”.
وقالت الصحيفة، بحسب اثنين من مسؤولي الدفاع الأمريكيين، إن الطيار الروسي أخطأ في تفسير أمر من القاعدة الأرضية.
وأطلق الطيار الروسي “الذي كان في مواجهة الطائرة البريطانية النار، لكن الصاروخ لم ينطلق بشكل صحيح”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول دفاعي أمريكي لم تذكر اسمه وصف الحادث بأنه “مخيف حقا”.
وردا على التقرير المسرب عن “الإسقاط الوشيك”، أصدرت وزارة الدفاع البريطانية بيانا آخر أضاف مزيدا من الضبابية على ماحدث”.
وزعمت وزارة الدفاع أن “نسبة كبيرة من محتوى هذه التقارير من الوثائق غير صحيح أو تم التلاعب بها أو الأمرين معا”.
لماذا كل هذه السرية؟
قد يكون هناك عدة أسباب وراء تردد وزارة الدفاع البريطانية في تقديم التفاصيل الكاملة.
أولا، لن ترغب المملكة المتحدة في الإعلان عن مدى جمعها للاستخبارات وتفاصيل الاتصالات التي تم اعتراضها.
والأهم من ذلك أن أيا من الطرفين لم يرغب في التصعيد، وهو التصعيد الذي قد يجر أحد أعضاء الناتو إلى مواجهة عسكرية مع روسيا.
لكن الحادث يُظهر، مرة أخرى، كيف يمكن لخطأ واحد وسوء تقدير من قبل فرد واحد أن يؤدي إلى صراع واسع النطاق.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية لبي بي سي إن “هذا الحادث هو تذكير صارخ بالعواقب المحتملة لغزو بوتين الهمجي لأوكرانيا”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يستهدف فيها طيار روسي متهور طائرة تابعة لحلف شمال الأطلسي في المجال الجوي الدولي.
ففي مارس/ آذار الماضي، أسقطت طائرة روسية، طائرة استطلاع أمريكية بدون طيار، كانت تحلق أيضا فوق البحر الأسود.
وفي تلك الحادثة، حصل الطيار الروسي على ميدالية، لكن معظم الخبراء يتفقون على أن ذلك كان مجرد صدفة وحظ وليس دليل على المهارة أو حسن التقدير.
فهو يسلط الضوء على أسئلة جدية حول انضباط واحترافية القوات الجوية الروسية.
فعلى الرغم من احتمال إسقاط الطائرة، واصل سلاح الجو الملكي البريطاني إجراء رحلات استطلاعية فوق البحر الأسود- وهو دليل على شجاعة الطواقم التي تجنبت الكارثة بأعجوبة.
ومنذ وقوع الحادث، ترافق رحلات المراقبة التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني طائرات مقاتلة من طراز تايفون مسلحة بصواريخ جو-جو.
والمملكة المتحدة هي العضو الوحيد في حلف شمال الأطلسي الذي يقوم بمهام بطائرات فوق البحر الأسود.