التخطي إلى المحتوى

اقرأ في هذا المقال

  • الاتحاد الأوروبي قدم استجابة استثنائية للاستغناء عن الغاز الروسي
  • توقيع 8 اتفاقيات أوروبية لتأمين إمدادات غاز موثوقة
  • تركيا تؤدي دورًا محوريًا في نقل الغاز إلى دول الاتحاد الأوروبي
  • احتياطيات الغاز في أذربيجان تكفي لتلبية الطلب الأوروبي لعقود مقبلة

أكد الباحث الفرنسي فرانسيس بيرين، أن دول الاتحاد الأوروبي تمكنت من الاستغناء عن الغاز الروسي، في أعقاب الحرب بأوكرانيا، من خلال إبرام العديد من الاتفاقيات واستكشاف مصادر جديدة.

وأوضح بيرين، أن الاتحاد الأوروبي لم يدخر أي جهد لكي يتمكن من الاستغناء عن الغاز القادم من روسيا، واتخذ قرارًا تاريخيًا -في مارس/آذار 2022- بالاستغناء عنه تمامًا على المدى المتوسط، ما يمثل تحديًا كبيرًا، لأن روسيا كانت المصدر الرئيس للقارة العجوز.

وأسفرت سياسة الغاز في الاتحاد الأوروبي عن نتائج ملموسة، مع زيادة أحجام الصادرات من عدة دول، من بينها أميركا وأذربيجان، و4 دول عربية، وفق تصريحات بيرين التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وأشار الباحث الفرنسي إلى أن هناك طريقتين لتصدير الغاز، إما الغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب، وإما الغاز المسال، الذي يُمكن نقله بوساطة ناقلات.

ويرى فرانسيس بيرين أن الغاز المسال يُعد أكثر تكلفة، لكنه يتمتع بميزة، لأنه يؤمّن إمدادات الغاز، كما تمتلك الدول الأوروبية محطات لاستيراد الغاز المسال، ما يمكّنها من تنويع مصادر إمدادها بعيدًا عن الغاز الروسي.

8 اتفاقيات للتخلص من الغاز الروسي

ذكر مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية الفرنسي (IRIS) فرانسيس بيرين، أن تحوّل الأوروبيين إلى مُصدرين جدد للغاز بدأ قبل عمليات التخريب ضد خطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 و2 في نهاية سبتمبر/أيلول 2022، ردًا على الحرب في أوكرانيا.

وتمكّن الاتحاد الأوروبي من إبرام عدة اتفاقيات في عام 2022، للتخلص من اعتمادها على الغاز الروسي، أولها وأهمها مع الولايات المتحدة، وهي اتفاقية تنص على زيادة صادرات الغاز المسال الأميركي إلى الاتحاد الأوروبي.

ووقّع الاتحاد الأوروبي -بعد ذلك- اتفاقًا ثلاثيًا بين الاتحاد الأوروبي ومصر وإسرائيل، بهدف زيادة الصادرات من هذين البلدين المنتجين للغاز في السنوات المقبلة.

وأُبرمت اتفاقية ثالثة في عام 2022 بين الاتحاد الأوروبي وأذربيجان، إذ التزمت الأخيرة بزيادة إمدادات الغاز نحو عام 2027، عبر ممر الغاز الجنوبي الذي يتكوّن من 3 خطوط أنابيب.

الباحث الفرنسي فرانسيس بيرين
الباحث الفرنسي فرانسيس بيرين – الصورة من منصة “جورنال لوريان” الناطقة باللغة الفرنسية

وقدّر بيرين أن احتياطيات الغاز الأذربيجانية ستكون قادرة على تلبية استهلاك الغاز في الاتحاد الأوروبي لسنوات عديدة، في مقابلة اطّلعت عليها منصة الطاقة، ونشرتها منصة “كليه دي مواين أوريون” الناطقة باللغة الفرنسية (Clés du Moyen Orient).

في الوقت نفسه، جرى التوقيع على اتفاقيات الغاز من قبل عدد من دول الاتحاد الأوروبي، التي كانت تُعد من أكثر الدول اعتمادًا على الغاز الروسي.

فقد وقعت الجزائر وإيطاليا اتفاقية لزيادة إمدادات الغاز الجزائري بوساطة خط الأنابيب عبر البحر المتوسط، في حين أبرمت ألمانيا 3 اتفاقيات أخرى مع قطر والإمارات وأستراليا، لاستيراد الغاز المسال.

بالإضافة إلى ذلك، دخل خط أنابيب غاز جديد الخدمة في نهاية عام 2022، وهو “خط أنابيب البلطيق” الذي يربط بين النرويج والدنمارك وبولندا.

وقال بيرين: “بذلك يصل إجمالي 8 اتفاقيات للغاز وقعها الأوروبيون في أقل من عام لتنويع مصادر إمداداتهم.. وهذا أمر غير مسبوق.. في وضع استثنائي، قدم الاتحاد الأوروبي استجابة استثنائية”.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- قائمة كبار مصدري الغاز المسال إلى أوروبا في الربع الأول 2023:

قائمة كبار مصدري الغاز المسال إلى أوروبا في الربع الأول 2023

أوروبا تستكشف آفاقًا محتملة لواردات الغاز

في الوقت نفسه، تُجرى مناقشة اتفاقيات أخرى للحصول على إمدادات موثوقة بعيدًا عن الغاز الروسي، إذ تتفاوض فرنسا مع الجزائر منذ 2022، وتتفاوض ألمانيا مع عمان، لكن لم يجرِ التوصل بعد إلى اتفاق بين هذه الدول.

ويجري النظر في مصادر أخرى محتملة، مثل كندا والدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، بحسب تصريحات الباحث الفرنسي في المقابلة التي اطّلعت عليها منصة الطاقة.

أما بالنسبة إلى الوضع في لبنان، فقد أكد بيرين أن الأمر في الوقت الحالي هو مجرد مسألة استكشاف؛ إذ يعمل التحالف -الذي يضم توتال إنرجي وإيني الإيطالية وقطر للطاقة- حاليًا على استكشاف الموارد في المياه اللبنانية.

وأوضح بيرين أنه إذا كان هناك اكتشاف وجرى تصنيفه على أنه تجاري، فسيستغرق الأمر سنوات لوضعه في حيز الإنتاج، لأنه سيتعيّن تطوير حقل غاز.

كما قال: “لبنان هو حل محتمل على المدى الطويل، وبالتالي فإن هذا البلد خارج الصورة في سياق الحرب بأوكرانيا، لأن الأوروبيين يبحثون عن حلول قصيرة ومتوسطة المدى”.

وتطرق بيرين إلى العديد من مشروعات خطوط أنابيب الغاز، مثل مشروع خط أنابيب غاز الشرق المتوسط “إيست ميد” الذي سيربط إسرائيل بالاتحاد الأوروبي عبر قبرص، ثم اليونان وإيطاليا، ومشروع آخر لإنشاء خط أنابيب للغاز بين إسرائيل وتركيا.

إلا أنه أكد أن الأمر يتعلق بمجرد مشروعات، ولا يوجد شيء ملموس في الوقت الحالي، كما أن آفاق تنفيذها ليست بالضرورة مشرقة جدًا لأسباب جيوسياسية.

تركيا.. مركز لنقل الغاز إلى أوروبا

تطرّق الباحث الفرنسي فرانسيس بيرين إلى الوضع في شرق البحر المتوسط، إذ تسعى تركيا إلى ترسيخ نفسها بوصفها مركزًا للغاز في السوق الدولية والتركية، وما تزال تشكل منطقة نقل رئيسة للغاز الروسي.

وأشار إلى أن تركيا دولة مهمة بالنسبة إلى روسيا والاتحاد الأوروبي ومنطقة بحر قزوين، بحسب التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

فخط أنابيب الغاز “بلو ستريم” -الذي ينقل الغاز الروسي بين روسيا وتركيا- يزود السوق التركية، في حين أن الغاز المنقول عبر خط أنابيب الغاز ترك ستريم -الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر تركيا- مخصص لتركيا وسوق الاتحاد الأوروبي.

وقال بيرين، إن الغاز الروسي ما زال يصل -في الوقت الحالي- إلى دول الاتحاد الأوروبي، لكن الأحجام انخفضت بصورة حادة مقارنةً ببداية عام 2022.

ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- قائمة مستوردي الغاز الروسي منذ بداية عام 2023:

قائمة مستوردي الغاز الروسي منذ بداية عام 2023

علاوةً على ذلك، تسمح تركيا بتسليم الغاز الأذربيجاني عبر ممر الغاز الجنوبي، الذي يربط بين أذربيجان -التي تنتج الغاز في بحر قزوين- وجورجيا وتركيا والاتحاد الأوروبي (حتى إيطاليا).

وتمتد هذه الشبكة المكونة من 3 خطوط أنابيب غاز متتالية على مسافة أكثر من 3 آلاف و500 كيلومتر، وتعمل بكامل طاقتها منذ ديسمبر/كانون الأول 2020.

ويربط خط أنابيب الغاز الأول -الذي يُطلق عليه اسم خط أنابيب جنوب قزوين- أذربيجان وجورجيا بالحدود التركية، ثم يتولى خط أنابيب الغاز العابر للأناضول “تاناب” المسؤولية، ويعبر تركيا من الحدود التركية الجورجية إلى الحدود التركية اليونانية.

ويتصل خط “تاناب” بخط أنابيب غاز ثالث، وهو خط أنابيب الغاز العابر للبحر الأدرياتيكي “تاب”، الذي يخدم اليونان وإيطاليا على وجه الخصوص، كما أنه متصل بخطوط أنابيب غاز أخرى في أوروبا.

علاوةً على ذلك، تستورد تركيا الغاز المسال، وتنتج بنفسها الغاز للسوق التركية، وفي أبريل/نيسان 2023، دخل حقل الغاز الرئيس في البحر الأسود “صقاريا” حيز الإنتاج، إلا أنه لا يكفي لتلبية الاستهلاك الوطني.

وفي ظل سعيها لكي تصبح مركزًا لنقل الغاز من الدول المنتجة إلى الاتحاد الأوروبي، اقترحت تركيا على إسرائيل بناء خط أنابيب للغاز حتى تتمكن من تصدير الغاز إلى أوروبا عبر تركيا، بحسب الباحث الفرنسي.

وهناك حديث -أيضًا- عن خط أنابيب للغاز عبر بحر قزوين قد يسمح لتركمانستان بتمرير غازها عبر بحر قزوين عبر أذربيجان، وسيستعمل بعد ذلك الشبكة التي تمر عبر تركيا لنقل الغاز إلى الاتحاد الأوروبي.

كما أشار بيرين إلى أن تركيا تستهدف أن تكون بمثابة نقطة عبور للغاز العراقي، ومن الممكن -أيضًا- أن تمر صادرات الغاز من إيران إلى أوروبا عبر الأراضي التركية في المستقبل، ولكن العقوبات الأميركية تجعل هذا الخيار غير ممكن في الوقت الحالي.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.