يصوّت مجلس الأمن في الأمم المتحدة اليوم على تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، يونيفيل، بعد تأجيل التصويت أمس، بسبب خلافات بين فرنسا والولايات المتحدة والإمارات بشأن حرية حركة قوات الأمم المتحدة.
ويصادف الخميس 31 أغسطس/آب موعد انتهاء ولاية القوات العاملة في البلاد منذ العام 1978.
وتسيّر قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، دوريات على حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل، ويجدّد التفويض لها سنوياً، على أن ينتهي التفويض الحالي الخميس.
ويتزامن السجال في مجلس الأمن، مع تصاعد التوتر الكلامي بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، إذ تعهد كل منهما بإعادة الآخر إلى “العصر الحجري”.
وصاغت فرنسا مشروع قرار لمجلس الأمن لتمديد مهمة حفظ السلام لمدة عام آخر، لكن الولايات المتحدة والإمارات تقولان إن اللغة المستخدمة في صياغة القرار أضعفت قدرة يونيفيل على التحرك بحرية.
خلاف على “حرية الحركة”
وقال دبلوماسي إماراتي لرويترز: “إن حرية حركة يونيفيل لها أهمية قصوى في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات في المنطقة إلى مستويات خطيرة”.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة لمجلس الأمن بتاريخ 3 أغسطس/آب، إن قوات يونيفيل لا تزال تواجه قيوداً على حرية تنقلها وتأخيراً في الوصول إلى مواقع مهمة تحاول الوصول إليها.
وكتب غوتيريش: “يجب الحفاظ على قدرة البعثة على القيام بالدوريات والأنشطة بشكل مستقل”.
ووفقاً لمسودة قرار اطلعت عليها رويترز، أضافت فرنسا مواد تنص على أن قوات حفظ السلام يجب أن تنسق مع “الحكومة اللبنانية”.
وحذفت النص الوارد في قرار مجلس الأمن العام الماضي الذي يطالب جميع الأطراف بالسماح “بدوريات معلن وغير معلن عنها” لقوات الأمم المتحدة.
وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، لراديو الجيش الإسرائيلي الأربعاء، إن “مطالبات لبنان بالحد من حرية الرقابة والمراقبة للعاملين بقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان في ما يتعلق بما يحدث في جنوب لبنان غير مقبولة”.
وكان وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب، قال إن قرار مجلس الأمن الجديد يجب أن ينص على تنسيق قوات اليونيفيل مع الجيش اللبناني.
وحذر الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الاثنين، من أنه حتى لو تبنى مجلس الأمن نفس اللغة التي اعتمدها العام الماضي بشأن حرية حركة قوات الأمم المتحدة فإن ذلك “سيظل حبراً على ورق”.
وقال في خطاب متلفز الاثنين: “هذا يتعلق بالكرامة الوطنية وأهل الجنوب لن يسمحوا بتطبيق قرار رغم رفض الحكومة اللبنانية له”، مشيراً إلى أن “مجلس الأمن الدولي لا يرى ما تقوم به إسرائيل من خروق برية وجوية وبرية، ولذلك يريدون (يونيفيل) جواسيس عند الإسرائيليين”.
وكان قرار تمديد مهام يونيفيل في 31 أغسطس/آب 2022، تضمن تعديلات من أبرزها عدم حاجة قواته إلى إذن مسبق من أي شخص لأداء مهامها بشكل مستقل، أي من دون مؤازرة من الجيش اللبناني.
وفي كانون الأول/ديسمبر، قُتل جندي أيرلندي من قوات حفظ السلام عندما تعرضت مركبته المدرعة التابعة لليونيفيل لإطلاق نار في جنوب لبنان.
واتهمت محكمة عسكرية لبنانية أعضاء في حزب الله بالتورط في عملية القتل. إلا أن حزب الله نفى أي دور له في القضية.
تاريخ اليونيفيل في لبنان
تأسست قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في العام 1948، عندما صرح مجلس الأمن بنشر مراقبين عسكريين تابعين للأم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.
وكان دور البعثة هو مراقبة اتفاقية الهدنة بين إسرائيل وجيرانها العرب، وهي العملية المعروفة بهيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة.
وفي لبنان، تأسست القوة المؤقتة للأمم المتحدة في البلاد بقرار من مجلس الأمن في آذار/مارس 1978 للتأكيد على انسحاب إسرائيل من لبنان، واستعادة الأمن والسلام الدوليين، ومساعدة الحكومة اللبنانية على استعادة سلطتها الفعالة في المناطق التي كانت تحتلها إسرائيل.
وعدّلت المهمة مرتين نتيجة للتطورات بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وبعد انسحاب إسرائيل من المناطق التي كانت تحتلها في جنوب لبنان والبقاع الغربي عام 2000.
وبعد “حرب تموز” عام 2006، عزز مجلس الأمن دور اليونيفيل، وأضاف إلى مهامها مراقبة وقف الأعمال العدائية، ومرافقة ودعم الجيش اللبناني في عملية الانتشار في جنوب لبنان، وتنسيق ذلك مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي.
وأتى ذلك بعد أن تضمن قرار مجلس الأمن 1701، القاضي بوقف إطلاق النار إثر حرب عام 2006، إشارة إلى مرافقة الجيش اللبناني لدوريات اليونيفيل ضمن نطاق عملياتها في القرى الحدودية جنوب البلاد.
وبات من مهام اليونيفيل، “مساعدة القوات المسلحة اللبنانية في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي عناصر مسلّحة”، وذلك ما يتعارض مع دور حزب الله العسكري في المنطقة.
وبناءً على طلب من حكومة لبنان، تجدّد ولاية اليونيفيل سنوياً من قبل مجلس الأمن الدولي.
وتتشكل القوة العاملة في لبنان من حوالي 10 آلاف و365 شخصاً، بينهم 9 آلاف و347 جندياً، من إندونيسيا والهند وإيطاليا وغانا والنيبال وماليزيا وفرنسا وإسبانيا والصين وأيرلندا.
وتُمول البعثة عن طريق حساب مستقل يعتمد سنوياً بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وبلغت الميزانية المعتمدة للبعثة بين يوليو/تموز من العام 2021 ويونيو/حزيران من العام 2022، 510 ملايين و251 ألفاً و500 دولار أمريكي.