التخطي إلى المحتوى

تصعيد واسع في شمال سوريا يسبق لقاء إردوغان وبوتين في سوتشي

شهد شمال سوريا في الساعات الماضية تصعيداً شديداً لا سيما في منبج بشرق حلب وفي جبل الزاوية بريف إدلب وجبل الأكراد بريف اللاذقية. وتزامن ذلك مع مباحثات تتناول الملف السوري ومسار التطبيع بين أنقرة ودمشق أجراها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في موسكو، وهي تسبق لقاء الرئيسين رجب طيب إردوغان وفلاديمير بوتين المنتظر عقده في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود في روسيا، الاثنين.

وأُفيد بمقتل 4 مدنيين، بينهم أطفال، نُقلت جثامينهم إلى مستشفيات في جرابلس بمحافظة حلب، فيما أُصيب الكثير من المدنيين. كما قُتل أحد عناصر فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، في غارة جوية روسية، الجمعة، على قرية المحسنلي شمال غربي مدينة منبج بريف حلب الشرقي.

اشتباكات في منبج

وشن الطيران الحربي الروسي غارات جوية على قرية المحسنلي بريف منبج، شرقي حلب، بعدما سيطرت عليها فصائل موالية لتركيا، تزامناً مع قصف مدفعي واشتباكات بين قوات «مجلس منبج العسكري»، التابع لـ«قوات سوريا الديمقراطية (قسد) »، وفصائل موالية لتركيا.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القصف الروسي جاء عقب تنفيذ عناصر من فصائل «الجيش الوطني»، تحت مسمى «قوات عشائر»، عملية تسلل على نقاط عسكرية على خطوط التماس، حيث سيطرت القوات المهاجمة على قرية المحسنلي التي توجد فيها 3 نقاط لقوات الجيش السوري النظامي ونقطة لقوات «مجلس منبج العسكري»، (التابع لـ«قسد»).

ورداً على ذلك، هاجمت قوات «مجلس منبج العسكري» قرية المحسنلي، تزامناً مع قصف بالدبابات من قوات الجيش السوري، في محاولة للتقدم واستعادة السيطرة عليها.

جانب من تدريبات على الصواريخ الموجهة نفّذها فصيل موالٍ لتركيا في ريف حلب يوم 29 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

وتتواصل الاشتباكات بين الطرفين في قرى الصيادة وأم جلود والدندنية وعرب حسن بريف منبج، على خطوط التماس بين مناطق سيطرة «الجيش الوطني» ومناطق «مجلس منبج العسكري».

وقصفت القوات التركية، بعد منتصف ليل الخميس – الجمعة، بالمدفعية الثقيلة قرى عدة ضمن مناطق سيطرة «مجلس منبج العسكري». وتركز القصف على قرى عون الدادات وجات وعرب حسن بريف منبج شرقي حلب.

كما قصفت طائرات تركية مسيّرة 8 مواقع متفرقة ضمن مناطق قوات «مجلس منبج» في قرى عون الدادات ومحسنلي وبوخارات في ريف منبج.

وتشهد مناطق سيطرة «قسد» تصعيداً مستمراً منذ يومين من القوات التركية التي قصفت بالمدفعية الثقيلة، من قاعدتها بمدينة جرابلس، قرية بوراز غرب عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي، كما استهدفت بالأسلحة الرشاشة والثقيلة حاجزاً لقوى الأمن الداخلي (الأسايش) في قرية عبوش بريف تل تمر شمال غربي الحسكة، من مواقعها فيما تُعرف بمنطقة «نبع السلام».

تصعيد في إدلب واللاذقية

وبالتزامن مع التصعيد في ريف حلب الشرقي، شهد ريفا إدلب واللاذقية بشمال غربي سوريا مواجهات واسعة بين القوات الحكومية وفصائل متشددة تتبع «هيئة تحرير الشام». وتحدث «المرصد السوري» في تقرير اليوم عن مقتل ثلاثة عناصر من قوات النظام وميليشيات مساندة لها وإصابة آخرين بجروح إثر عملية اقتحام قامت بها هذه القوات في محاولة للتقدم على تلة الملاجة بجبل الزاوية جنوب إدلب. لكن «المرصد» أوضح «أن كثافة النيران من فصائل غرفة عمليات الفتح المبين منعتها وأفشلت تقدمها وكبّدتها خسائر في العدة والعتاد».

وأشار إلى تعرض محيط النقطة التركية في قرية بليون بجبل الزاوية لقصف مدفعي مصدره قوات النظام، وذلك رداً على قصف القوات التركية بالمدفعية الثقيلة نقاطاً عسكرية تابعة للنظام جنوب إدلب.

أحد عناصر «الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة خلال مشاركته في عروض عسكرية بمدينة مارع بريف حلب يوم 29 أغسطس الماضي (د.ب.أ)

من جهة أخرى، أفاد «المرصد» بمقتل عنصر من «هيئة تحرير الشام» وجرح عنصرين آخرين خلال «عملية انغماسية» ضد مواقع قوات النظام على محور الصراف بمنطقة جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي. وأشار إلى إصابة «ناشط إعلامي في أثناء تغطيته الاشتباكات». وأوضح أنه بذلك «ترتفع حصيلة الخسائر البشرية» خلال «العملية الانغماسية» إلى 6 قتلى هم 5 من قوات النظام وعنصر من لواء «معاوية بن أبي سفيان» التابع لـ«هيئة تحرير الشام»، وإصابة 3؛ هم عنصران من «الهيئة» وناشط إعلامي.

التطبيع بين أنقرة ودمشق

جاءت هذه التطورات بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى موسكو للتحضير للقاء الرئيسين إردوغان وبوتين في سوتشي المنتظر عقده (الاثنين). وفي مؤتمر صحافي مشترك مع فيدان، في موسكو (الخميس)، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إنهما قيّما عملية تطبيع العلاقات السورية – التركية. وأضاف لافروف: «تمت مناقشة خطوات إضافية لمساعدة أنقرة ودمشق على إعادة العلاقات الدبلوماسية».

بالتزامن، جدد الرئيس السوري بشار الأسد، خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في دمشق، الخميس، تأكيده أن انسحاب القوات التركية من شمال سوريا «شرط لا بد منه لعودة العلاقات الطبيعية» مع أنقرة.

بدوره، أكد وزير الخارجية الإيراني أن إقامة علاقات ودية بين سوريا وتركيا أمر يصب في مصلحة البلدين والمنطقة. وقال عبداللهيان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره السوري فيصل المقداد، إنه خلال الاجتماع الأخير للجنة الرباعية لمسار تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق (اجتماع نواب وزراء خارجية تركيا وروسيا وسوريا وإيران خلال الجولة العشرين لمسار آستانة في 20 – 21 يونيو (حزيران) الماضي)، «طُرحت أفكار جيدة لإرساء الأمن والاستقرار بين سوريا وتركيا، واحترام السيادة السورية». وزاد أن بلاده ستواصل مساعيها لإزالة سوء الفهم بين سوريا وتركيا.

الرئيس السوري بشار الأسد خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان في دمشق يوم الخميس (سانا – د.ب.أ)

لقاء بوتين – إردوغان

ويشكل الملف السوري أحد الملفات المهمة المطروحة على أجندة اللقاء المرتقب للرئيسين التركي والروسي في سوتشي، يوم الاثنين.

ويسيطر حالياً الجمود على مسار تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، التي اتخذت مساراً رباعياً ضمَّ أيضاً إيران إلى جانب روسيا.

ولم يتم، حتى الآن، تحقيق أي تقدم أو نتائج لتلك المحادثات بسبب تمسك دمشق بانسحاب القوات التركية من شمال سوريا، وهو أمر ترفضه تركيا التي تؤكد أن وجود قواتها مسألة أمن قومي.

وزيرا الخارجية التركي والروسي خلال مؤتمر صحافي في موسكو يوم الخميس (أ.ب)

وقبل أيام أكد مستشار الرئيس التركي، السفير عاكف تشاغطاي كيليتش، أن المحادثات مع الحكومة السورية مستمرة على مستويات معينة، موضحاً أن «الأولوية هي لعودة المواطنين السوريين الذين يعيشون في تركيا ودول أخرى إلى ديارهم».

في الوقت ذاته، حمّلت تركيا حكومة الرئيس بشار الأسد المسؤولية عن تعطيل مسار اللجنة الدستورية لأكثر من عام، مؤكدةً أهمية «الحرب على الإرهاب» التي تقوم بها في شمال سوريا في حل الأزمة، داعيةً لتسريع الجهود الدولية للتوصل إلى حل دائم في سوريا وتوفير العودة الآمنة للاجئين.

وحسب آخر الإحصاءات الرسمية تستضيف تركيا نحو 3.4 لاجئ سوري، فيما عاد أكثر من 500 ألف بشكل طوعي إلى مناطق سيطرت عليها القوات التركية وفصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لها في شمال سوريا.

وتتحدث أنقرة عن مشاريع لتأمين العودة الطوعية لأكثر من مليون لاجئ سوري، وتأمل في نجاح مسار تطبيع العلاقات مع دمشق، للمساعدة في تسريع عودة اللاجئين إلى المناطق الآمنة في شمال سوريا وكذلك إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية.