في مفاجأة تسببت في ضجة هائلة بوسائل التواصل الاجتماعي العالمية، عرض الصحفي المكسيكي خايمي موسان أمس الأربعاء مجموعة من الجثث المحنطة في علب خشبية وزجاجية صغيرة خلال جلسة استماع حول الكائنات الفضائية في الكونغرس المكسيكي.
وأعلن الرجل، الذي يشتهر بتأييده لنطاق الأجسام الطائرة مجهولة الهوية (اليوفو)، أن هذه الكائنات تم العثور عليها في دولة بيرو، ويقدر عمرها بألف عام، وشهد تحت القسم أن 30% من الحمض النووي الخاص بهذه الكائنات مجهول، وأنها ليست متعلقة بالبشر من قريب أو بعيد، في إشارة إلى كونها كائنات فضائية.
وخلال العقد الماضي ظهرت كثيرا هذه النوعية من الادعاءات بوجود كائنات فضائية، لكن كانت المشكلة الوحيدة الأساسية في كل هذه الادعاءات أنها افتقدت الدليل العلمي الصريح لتأكيد صحتها.
هل هي حقا كائنات فضائية؟
قال موسان إن هذه الأحافير فحصتها الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك، لكن رغم ذلك لم تصدر أوراق بحثية عن الأمر تؤكد أن هذا الكيان غير بشري على الإطلاق وأنه ليس من كوكب الأرض بالدليل العلمي القاطع.
ومع ادعاءات استثنائية بهذا الشكل فمن المفترض أن تكون الدلائل استثنائية كذلك، أي أن يقوم عدد من فرق البحث الطبية والأركيولوجية بدراسة هذه الحفريات ونشر عدد من الورقات البحثية المستقلة التي راجعها علماء آخرون (مراجعة الأقران) لتأكيد تلك المعلومة، وهذا لم يحدث إلى الآن.
إضافة إلى أن الأشكال الغريبة التي تظهر في الصور هي -بحسب تعبير الكاتب الصحفي موسان- بقايا كائنات عاشت قبل ألف سنة، وهذا يعني أنها فقط قد تكون جثثا بشرية تعرضت لعوامل التعرية على مدى مئات السنين حتى ظهرت بهذا الشكل الغريب.
وهذا ليس جديدا بالمناسبة، فللرجل علاقة بحادثة شبيهة في عام 2015 حينما قدم ادعاء بأن جثة محنطة بالشكل نفسه تقريبا لكائن قادم من الفضاء السحيق، وقال وقتها إنه تم العثور على هذه الجثة قرب منطقة خطوط نازكا الشهيرة في دولة بيرو.
وفي يونيو/حزيران 2017، تم تقديم هذا الادعاء في وثائقي على منصة “جايا” التي تشتهر بالترويج لنطاق الكائنات الفضائية القديمة، وبالتبعية تزعم أن آثار العالم القديم مثل الأهرامات قد بنيت على يدي فضائيين، وخلال الوثائقي زعم موسان أن التحاليل تظهر جثة محنطة لشخصية غير بشرية بجمجمة أكبر بكثير من المعتاد و3 أصابع في اليدين والقدمين، وتبين في النهاية أن الجثة المحنطة هي لطفل بشري.
لا رصد ولا بحث علمي
وفي النهاية، فإن الوكالات الفضائية المختصة بهذا النوع من الأبحاث لم تعلن إلى الآن رصد أي أثر لوجود أي صورة من صور الحياة في المجموعة الشمسية أو خارجها، ويجري ذلك على الكائنات الحية العاقلة وغير العاقلة.
وهذه الوكالات ليست محصورة على دولة واحدة، فهناك مثلا وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية، ولكل من الصين والهند وروسيا والكثير من الدول وكالات فضائية ومراصد مختصة برصد الفضاء السحيق، يعني ذلك أنه يرجح أن تعلن إحداها قبل الأخرى عن أي كشف متعلق بهذا النطاق، على الأقل لنسب السبق إليها.
والواقع أن كثير من العلماء يؤيدون بالفعل فكرة وجود كائنات حية عاقلة في هذا الكون، لكنهم لا يمتلكون أي دليل علمي موثق على ذلك.
وبحسب تقرير صادر للمرة الأولى عن فريق خاص تابع لوكالة ناسا مكون مجموعة من العلماء المستقلين في نطاقات عدة يوم 14 سبتمبر/ أيلول الجاري، فإن كل الظواهر الغريبة وغير المعرّفة المرصودة إلى الآن ليست مرتبطة بأية أصول فضائية.
وما سبق في مجمله يدفعنا على الأقل للشك العقلاني تجاه ادعاءات من هذا النوع، وإلى حين صدور دراسات متعددة مستقلة من أطراف عدة في دوريات علمية ثقيلة، فإن هذا الادعاء الذي قدمه خايمي موسان يظل محل شك كبير.