مختصون لـ«الشرق الأوسط»: العالم أمام مشروع نهضوي مستدام
أكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن العالم سيشهد نقلة غير مسبوقة في حركة التجارة والنقل والربط الدولي، عقب إعلان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من الهند مشروع «ممرات خضراء عابرة للقارات»، وتوقيع مذكرة تفاهم بشأن ممر اقتصادي يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا لتعزيز الترابط الاقتصادي، وتطوير وتأهيل البنى التحتية وزيادة التبادل التجاري بين الأطراف المعنية.
ورأى الرئيس التنفيذي لشركة «سكاي تورز»، إريك فانغ، أن الإعلان عن «ممرات خضراء عابرة للقارات» يعني أن العالم أمام مشروع تنموي نهضوي لا يستثني مكاناً جغرافياً في العالم، مشدداً على الأهمية الاقتصادية والسياسية للاتفاق الأميركي – السعودي في قمة الهند حول ذلك.
وقال فانغ من واشنطن لـ«الشرق الأوسط»: «انظر فقط إلى ما تم إنشاؤه، علاقة تجارية دولية عبر المسار الذي كان موجوداً منذ آلاف السنين. ومع قيادة الولايات المتحدة والمملكة باعتبارها محور الممر، فسيؤدي ذلك إلى تحسين التجارة والبنية التحتية للمنطقة وللولايات المتحدة على حد سواء».
وتوقع فانغ أن يضاعف المشروع الجديد حجم الزيادة في التجارة والنقل، وقال: «سيؤدي ذلك إلى تحسين حجم التجارة إلى 4 أضعاف الحجم الحالي إن لم يكن أكثر. هذا عدا دفع تطوير البنية التحتية للنقل الأخضر بشكل كبير وتحسين البيئة وظروف المعيشة للجميع».
مشروع تنموي نهضوي
من جهته، أكد فضل بن سعد البوعينين، عضو مجلس الشورى، أن إعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن مشروع ممرات خضراء عابرة للقارات، هو الأكثر أهمية في قمة نيودلهي، وقال إن «العالم أمام مشروع تنموي نهضوي لا يرتبط بدولة واحدة، بل بقارات تضم دولاً ستكون المستفيدة من هذا المشروع الضخم».
وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن السعودية، من خلال رؤية 2030، باتت أكثر تقدماً في طرح المبادرات والبرامج التنموية الخضراء. فبعد طرحها مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون، والمحميات الإقليمية، في قمة الرياض، تعود اليوم لطرح مشروع الممرات الاقتصادية الخضراء العابرة للقارات، ومن خلاله تؤكد عزمها المضي قدماً للاستثمار في الاقتصاد الأخضر، وكل ما من شأنه تحقيق التنمية المستدامة، وحماية البيئة في آن».
وشدد على أن هذا المشروع الاستراتيجي المهم سيربط الهند بالشرق الأوسط بأوروبا، ويجعل المملكة محوراً للربط بين القارات والشرق الأوسط، وممراً اقتصادياً عالمياً يسهم في تدفق التجارة، وتصدير الكهرباء، والهيدروجين النظيف، وتعزيز سلاسل الإمداد، وضمان إمدادات الطاقة، وتعزيز الشراكات الدولية، وتدفق الاستثمارات، والاستثمار في البنى التحتية وسلاسل الإمداد المحلية والطاقة النظيفة.
وأوضح البوعينين أن إنشاء سكك حديدية سيعجل من تدفق السلع والبضائع إلى وجهاتها بما يقرب من 40 في المائة، مقارنة بما هي عليه اليوم، مشيراً إلى أن أهمية المشروع الاستراتيجي وانعكاساته المستقبلية على الاقتصاد العالمي، تؤكد أن المملكة أصبحت مشاركاً رئيساً في صنع القرار السياسي والاقتصادي في المنطقة والعالم، وتمكنت خلال فترة زمنية قصيرة من استثمار مقوماتها وتعزيز مكانتها ونفوذها العالمي، ما يتم تسخيره لخدمة الأمن والسلام والتنمية المستدامة.
ووفق البوعينين، سيسهم المشروع في تعزيز الشراكة مع الغرب، وتدفق الاستثمارات النوعية، وتوفير بيئة آمنة حاضنة للمشروعات العملاقة، وفي مقدمها مشروعات الطاقة النظيفة، وسيعطي المملكة قدرة أكبر على تنفيذ برامجها التنموية، وأهدافها الاقتصادية الاستراتيجية، فضلاً عن أنه سيعزز أمن الطاقة والاستثمار في الطاقة المتجددة، وتنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وربط السكك الحديدية والموانئ.
وتوقع أن تكون تكلفة المشروع مرتفعة، إلا أن تكاليفه ستتوزع بين دول الاتحاد الأوروبي، المستفيد الأكبر من المشروع، حيث خصص الاتحاد الأوروبي إنفاق ما يصل إلى 300 مليار يورو على استثمارات البنية التحتية في الخارج من خلال مشروع «البوابة العالمية»، للدفاع عن المصالح الأوروبية مع الشركاء التجاريين الرئيسيين.
وزاد البوعينين: «ستتحمل الولايات المتحدة جانباً مهما من التكاليف الموجهة لمساعدة الدول النامية واستكمال البنى التحتية فيها. كما أن الدول الرئيسة في المشروع ومنها الدول الغنية وفي مقدمها السعودية والإمارات ستتحمل هي الأخرى التكاليف الخاصة بها».
تنامي الاستثمارات الدولية
من جهته، توقع رجل الأعمال السعودي عبد الله بن زيد المليحي، رئيس شركة «سكاي تورز الاستثمارية» السعودية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن تتضاعف حركة التجارة البحرية في البحر الأحمر والخليج العربي، مع ارتباطها بحركة التجارة العالمية والإقليمية في البحار والمحيطات التي تربط قارات العالم قاصيها بالداني.
ورجح المليحي أن تزدهر الاستثمارات الدولية في السعودية التي تعمل في إنتاج الطاقة الخضراء والبيئة والمناخ، جراء هذا الربط العالمي، ما يمكنها من أن تحتل مركزاً متقدماً لتصدير مزيج الطاقة الجديدة في كل دول العالم، مشيراً إلى أن إعلان ولي العهد عن «ممرات خضراء عبارة للقارات» رسالة للعالم بأن المملكة داعم للاقتصاد الأخضر في الاستثمار والتطوير.
وشدد المليحي على أن هذا المشروع سيجعل منطقة البحر الأحمر مهمة للطاقة الخضراء، بينما سيوفر فرصاً ضخمة للشركات والمؤسسات السعودية العملاقة لدور متعاظم أكبر، ومتوقعاً أن تسهم مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وميناء «نيوم» في خلق محرك رئيسي للاستثمار وجذب المستثمرين في المجالات ذات الصلة، ما يسهم في توليد فرص عمل ومكاسب طويلة الأمد لجميع الأطراف.
ولفت المليحي إلى أن شركة «سكاي تورز» من أوائل الشركات التي سعت إلى تأسيس منطقة متكاملة في مدينة الملك عبد الله للطاقة الخضراء، بجانب مركز أبحاث لتكنولوجيا الطاقة الخضراء؛ الهيدروجين والأمونيا في السعودية، ما يجعلها في مقدمة الشركات العالمية المعنية بالشراكات الاستراتيجية التي تخدم هذا الاتجاه، متوقعاً أن يكون للقارة الأفريقية دور محوري في هذه الممرات، يتمثل في العوائد الاقتصادية والاستقرار في القارة.
ووفق المليحي، فإن السعودية أظهرت قدراتها في لعب دور مهم في ما يتعلق بسلاسل الإمداد العالمية، وتسهيل عمليات التبادل التجاري بين الدول عبر مبادرة «ممرات العبور الخضراء العابرة للقارات» التي كشف عنها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، في وقت أكد فيه أن مذكرة التفاهم تدعم جهود تطوير الطاقة النظيفة.