«بين ثقافتين»… رحلة فريدة في تجربة السعودية واليمن الإبداعية
تعبُق الأجواء برائحة القهوة السعودية وتملأها مقطوعات موسيقية من الثقافة اليمنية، ويحضر مرشدون يرتدون أزياء مستوحاة من نقوش البلدين، لاصطحابك في رحلة غنية بالفنون، تعبُر من خلالها إلى عمق التجربة الفنية لثقافة البلدين. ذلك كله في معرض «بين ثقافتين» الذي فتح أبوابه (الجمعة) للإضاءة على وجهَي التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية والثقافات الأخرى، مُركّزاً، في نسخته الأولى، على ثقافة الجمهورية اليمنية، لاستعراض تفاصيل إبداعية تتقاطع فيها مع تلك السعودية.
وأطلقت وزارة الثقافة السعودية النسخة الأولى من المعرض في قاعة «ميادين» بمحافظة الدرعية التاريخية، ضمن جهودها لمد جسور حضارية بين الثقافات العربية والعالمية، وتعزيز التواصل الثقافي إقليمياً ودولياً، وترسيخ المكانة الاستثنائية والعمق الحضاري للمملكة.
يقدم المعرض، بأركانه المختلفة، مكونات الثقافة، بإطار إبداعي يستعرض الجماليات في سياق التبايُن، ويُظهر التطور المستقل للثقافتين، والجذور المشتركة، وذلك من خلال الأزياء، والفنون البصرية، والعمارة والتصميم، وفنون الطهي، وغيرها مما يجمع البلدين.
وجوه التشابه والاختلاف بين ثقافتين
تركز هذه النسخة على ثقافة الجمهورية اليمنية، وتعرّف الزوار بها، وتبيّن أوجه ارتباطها وتشابهها بالثقافة السعودية، وذلك طوال 14 يوماً من استقبال الزوار والمتطلعين لاكتساب منظور مختلف لثقافة المملكة، في حوار مفتوح وحيوي مع ثقافات أخرى، بالإضافة إلى التعريف بثقافة اليمن، وجذورها الحضارية وما يميزها.
في هذا السياق، أعرب السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، عن سروره بمشاهدة ما يضمه المعرض، لاستعراضه الروابط الثقافية للبلدين، امتداداً إلى العلاقة التاريخية الأخوية.
وتسعى وزارة الثقافة، عبر هذا المعرض، إلى إيضاح التبايُن والتقارب بين ثقافة المملكة وثقافات الدول المجاورة، بهدف صناعة تجربة إبداعية تضيف أبعاداً جديدة، وتعزز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهدافها الاستراتيجية ضمن «رؤية 2030».
رحلة فنية غنيّة بالتفاصيل
تعج أركان المعرض بمحتوى إبداعي يربط بين الثقافتين عبر أشكال لفنانين سعوديين ويمنيين، في رحلة ثرية، تبدأ مع البوابة الرئيسية، حيث تطل الأشكال الهندسية بطريقة متقاطعة يتجلى فيها المفهوم الإبداعي الأساسي لهذا الحدث، فيما تنتظر الحاضرين مجموعة صور ومقاطع متحركة تحاكي تشابه الثقافتين.
وفي قسم «بين جسور الفن»، يركز المعرض على الشِعر والإيقاع واللحن، والجذور والأصالة التي تعكس التآلف والمؤاخاة، ويُبرز جماليات الفنون بينهما، وتقاطعاتها المختلفة عبر محاور الشِعر، والخط العربي، والموسيقى، إلى أعمال فنية تجسد قيم الأخوة.
أما قسم «بين الطين والعمارة» المتمثل في الزخارف والفنون والطوب والحجر، فيستعرض الأعمال الفنية المُجسِدة للتراث المعماري الأصيل الخاص بالبلدين عبر التركيز على نواحي البناء والزخارف الجمالية، فيما يُدخل قسم «بين الإرث والثقافة» الذي يشمل «التاريخ والحاضر»، و«قصة وخلود»، و«الواقع والافتراضي»، إلى «الخيال والطبيعة»، و«الجبال والبحار»، و«الضباب والحجارة»؛ الزائرَ في تجربة ثقافية عميقة تروي قصص الحضارات القديمة، وتضيء على ثراء التراث الطبيعي للمملكة واليمن وتنوعه، عبر تقنيات حديثة تتيح معاينة تفاصيل الطبيعة بدقة.
تزدهر الفنون في أقسام «الزي والحلي» التي تركز على القصص والأزياء، والخيوط والنسيج، والزينة والحلي، و«اللقطة والذكرى»، وسيرة الأزياء التراثية، والزخارف والنسيج في إطار أعمال تعكس الدور المحوري للأزياء التاريخية في فرادة الحضارات.
ومع نهاية الرحلة، يجد الزائر نفسه أمام بوابة الخروج التي تستخدم «القمرية» لتُعطي طابعاً فنياً مفعماً بالألوان… هي التي برز دورها الوظيفي والجمالي في العمارة اليمنية باكراً. ومن «القمرية»، يصل إلى منطقة «الجود والكرم»، حيث تعرض المطاعم والمقاهي، المأكولات والمشروبات السعودية واليمنية، مثل تحميص بن القهوة اليمني ودمجه مع الهيل السعودي، وتوزيع الحلويات المشتركة مثل العريكة، والأطباق المشتركة، مثل المعصوب والمندي. وفي النهاية، يدخل الزائر إلى سوق مصغرة تُستورَد فيها أهم المنتجات اليمنية وتُباع، إلى المنتجات والمحاصيل السعودية.