التخطي إلى المحتوى

عبدالله الدوسري

في صبيحة الخامس من شهر شوال لعام 1319هـ/الخامس عشر من شهر يناير لعام 1902م، استيقظ أهالي الرياض على صيحات النصر والتكبير، صيحات ملأت أرجاء الرياض وهي تزف البشرى بقدوم عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، عبدالعزيز سليل حكام الجزيرة الذين وطدوا حماها وأكرموا شعبها وذادوا عنهم ونشروا العدل والأمن والأمان.قدم عبدالعزيز ورجاله إلى الرياض، بهمة عالية وعزيمة ثابتة، جاؤوا والنصر تحت ظلال سيوفهم؛ وآمالهم معلقة بتوفيق الله -جل وعلا- ثم بقيادة وبأس عبدالعزيز الذي ساق روحه فداء لوطنه. وقبيل شروق الشمس، قامت المعركة الفصل، المعركة التي بثت في أعقابها العدل والأمن، وما هي إلا لحظات من الزمن حتى خر عجلان صريعا وخلف وراءه جنودا قتلى وأسرى؛ ثم صدح صوت المنادي من فوق قصر المصمك عاليا: ‘الحكم لله ثم لعبدالعزيز الحكم لله ثم لعبدالعزيز الحكم لله ثم لعبد العزيز’. وكان ذلك الصوت الصادح في أرجاء الرياض بمثابة إعلان عن بدء حقبة جديدة في تاريخ الجزيرة العربية؛ حقبة الملك عبدالعزيز وملحمة التوحيد الخالدة الذي سار بها هو وأباؤنا وأجدادنا يجوبون الجزيرة العربية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها، حتى توطدت له القارة العظيمة وأعلن رعاياها رغبتهم بتسمية هذه القارة بالمملكة العربية السعودية وبعبدالعزيز آل سعود ملكا على المملكة في 23/9/1932م.لم يكن قدوم الملك عبدالعزيز إلى الرياض قدوما عاديا، فقد حرر بقدومه أهالي الرياض والمملكة أجمع من الجور والظلم إلى العدل والإنصاف. وهذا الأمر ليس مبالغة بل حقيقة بازغة وثابتة، فقد عبر عنها الشاعر عبدالرحمن الحوطي صبيحة ذلك اليوم المبارك أثناء مبايعة أهالي الرياض وما جاورها للملك عبدالعزيز قائلاً -حسب مقالة عبدالله حمد السبر، بصحيفة الجزيرة-:’دار ياللي سعدها تو ماجاهاعقب ماهي ذليلة جالها هيبهجو هل الدين والتوحيد وحماهاواذهب الله هل الباطل وأصاحيبهقام عبد العزيز وشاد مبناهاشيخنا اللي بحكم الشرع يمشي بهيوم حنت وونت سمع شكواهاوصلها قبل تاصلها مناديبهعقب ماهي عجوز جدد صباهازينها للعرب قامت تماري بهعشقة للسعود من الله أنشاهاحرمت غيرهم تقول مالي بهجاء الحباري عقاب نثر دماهايوم شرف على عالي مراقيبهصيدته يوم صف الريش ماخطاهافي الثنادي وفي الهامة مخاليبهذبح عجلان فيها ما تعداهاماحلا عند باب القصر تسحيبهيوم شفته بعيني طاب ممساهاطير حوران شاقتني مضاريبه’ولا غرو بأن هذه الأبيات التي استهلها الحوطي -وغيره العشرات من شعراء الفصيح والنبط- أمام جلالة الملك عبدالعزيز، لا تعبر عن رأيه ومشاعره فحسب؛ بل عن رأي أهالي الرياض وما جاورها حينها وأهالي المملكة العربية السعودية جميعا، فآل سعود على مر التاريخ كانوا عظماء في إدارتهم للدولة وشؤون المواطنين وأرسوا قواعد الأمن والعدل والإنصاف فعم الأمان وطننا ولم يظلم به أحد منذ عهد الإمام محمد بن سعود حتى وقتنا الحالي.والشواهد على عدل الملك عبدالعزيز كثيرة وتملأ كتب التاريخ، ومنها ما ذكره الشيخ عقيل الخطيب -والد وزير السياحة أحمد الخطيب- التي وردت في كتاب ‘كنت مع عبدالعزيز’ فقال ‘صادف الملك عبدالعزيز في إحدى نزهاته في البر امرأة تسير وحدها دون محرم فلما أرسل وراءها أحد رجاله ليسألها عن مقصدها، علم أنها ترغب الذهاب إلى الأحساء.. وقد تملكت عبدالعزيز الدهشة عندما أجابته المرأة على تعنيفه لها بالسير دون محرم بقولها: إن الأرض قد عم فيها الأمن والسلام بفضل الله ثم عدالة عبدالعزيز وسهره على مصالح الرعية وشدة اهتمامه بسلامتهم ورعايتهم، حتى لم يعد هناك مبرر للخوف من السير في البادية زرافات أو وحدانا لأن عبدالعزيز حط في السماء برقية -التلغراف- وفي الأرض مرية -قاص الأثر-…’. هذا الموقف مع المرأة التي لم تعلم بأنها تخاطب الملك عبدالعزيز؛ يوضح بشكل جلي مدى اهتمام جلالته برعاية شعبه وشؤونه وتوفير كل الاحتياجات والسبل المتطورة حينها لرخاء الشعب وإنصافه، فلم يعد للخوف والهلع مكان في الجزيرة العربية بعد أن رفع الملك عبدالعزيز راية الحق ونصر المظلوم ونبذ الخوف من أفئدة الجميع الذين يعلمون بأنهم تحت ظل الله ثم ظل الملك عبدالعزيز الذي جعل رعاية مصالح وشؤون الشعب أولى اهتماماته وأولوياته.إن تاريخ المملكة العربية السعودية، منذ عهد المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز؛ تاريخ حافل بالإنجازات والتطور يوما بعد يوم، والإنجازات عديدة وأبرزها بل وهو أعظم إنجاز هو توحيد هذه المملكة بسواعد قادتها ورجالها فلم تستعمر كحال غالبية الدول الأخرى؛ ونحتفل كل عام بذكرى التوحيد. ثم خروج النفط وحسن إدارة قيادتنا -حفظها الله- لهذا المورد الذي أسبغ على الدولة الرخاء والاستقرار فحدثت النقلة النوعية والتنمية الشاملة في جميع المجالات للدولة، ثم إعلان الأمير محمد بن سلمان رؤية المملكة 2030 بتوجيه من الملك سلمان والتي شملت إصلاحات عديدة لتزدهر المملكة وتنوع مصادر دخلها وألا تعتمد على النفط كمصدر دخل وحيد وأن نطور ونستثمر في كل جزء في بلادنا، وترتكز هذه الرؤية على: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، وطن طموح.ختاما.. منذ أن صدح المنادي من فوق قصر المصمك قائلاً ‘الحكم لله، ثم لعبدالعزيز’ وإشراق فجر الرياض المنير حتى تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للحكم وإعلان رؤية المملكة 2030؛ ونحن نشهد من ذلك الوقت وحتى الآن تطور المملكة ورفعتها وازدهارها يوما بعد يوم، وذلك يعود بفضل من الله ثم بقيادتنا الرشيدة التي جعلت رفعة هذه الدولة ومواطنيها أساسًا لها ووفروا كافة السبل والوسائل لننعم برغد العيش. ولم يقتصر اهتمام قادتنا على شعب المملكة فحسب؛ بل عم فضلهم أرجاء العالم العربي والإسلامي والدولي! فحفظ الله قادتنا ونصرهم، فبعزيمتهم وبهمة شبابنا نسير بدولتنا الشامخة نحو هام السحاب.الكلمات المفتاحية:الملك عبدالعزيزالقيادة السعوديةاليوم الوطني السعوديالشعب السعوديالجزيرة العربيةتوحيد المملكة