ذكر مسؤولون أميركيون لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، أن وزير الدفاع الصيني، لي شانغ فو، “وُضع قيد التحقيق” في أحدث علامة على الاضطراب بين أعضاء النخبة في المؤسسة العسكرية والسياسة الخارجية في بكين.
وقال 3 مسؤولين أميركيين، وشخصان مطلعان على معلومات استخباراتية، للصحيفة، إن “الولايات المتحدة خلصت إلى أن لي، الذي لم يظهر علناً لأكثر من أسبوعين، جرى تجريده من مسؤولياته كوزير للدفاع”.
وتأتي هذه الخطوة بعد شهرين من قيام الرئيس الصيني، شي جين بينغ، بإقالة اثنين من كبار الجنرالات في القوة الصاروخية للجيش، التي تشرف على ترسانة الصين، سريعة التوسع، من الصواريخ طويلة المدى والأسلحة النووية.
ويأتي التحقيق مع لي أيضا في أعقاب اختفاء تشين جانغ، الذي أطيح به من منصب وزير الخارجية، في يوليو الماضي.
ولم يذكر الأشخاص الذين تم إطلاعهم على المعلومات الاستخباراتية، ما الذي دفع الإدارة الأميركية إلى الاستنتاج أنه يتم التحقيق مع لي.
“مشروع سري”.. ماذا تفعل ملازمة بالجيش الصيني في جامعة أميركية؟
تخوض الصين، منذ عقود، حربا لسرقة العلوم والتكنولوجيا من الولايات المتحدة من أجل الحصول على ميزة تنافسية في مواجهة واشنطن.
ولم يعلق البيت الأبيض على هذه التقارير، في حين رفضت السفارة الصينية في الولايات المتحدة الإدلاء بأية تعليقات.
ونقلت وكالة رويترز، الخميس، عن مسؤولين فيتناميين، قولهم إن لي “ألغى اجتماعا فجأة الأسبوع الماضي، بسبب حالته الصحية”.
وفي مرحلة ما في الفترة التي سبقت الإطاحة بتشين، بررت وزارة الخارجية الصينية غيابه الغامض عن المناسبات الرسمية بـ”وضعه الصحي”.
وفرضت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عام 2018، عقوبات على لي، فيما يتعلق بشراء بكين للأسلحة الروسية، وذلك عندما كان الأخير يقود الإدارة الرئيسية لشراء الأسلحة وتطويرها في الجيش الصيني.
وكانت بكين قد رفضت ترتيب أي اجتماع بين وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، ونظيره الصيني، بينما أبقت واشنطن العقوبات على الجنرال، وهو الوضع الذي أدى بالفعل إلى تفاقم تدهور العلاقات العسكرية بين أقوى اقتصادين في العالم.
“لم يبق أحد”
وأثار سفير الولايات المتحدة في اليابان، رام إيمانويل، الأسبوع الماضي تكهنات بشأن لي، عندما نشر على منصة إكس (تويتر سابقا)، أن الحكومة الصينية “تشبه الآن الرواية البوليسية (ثم لم يبق أحد) للروائية البريطانية (المعروفة) أغاثا كريستي”.
وكتب إيمانول، مع وسم #MysteryInBeijingBuilding (مبنى بكين الغامض): “أولاً، اختفى وزير الخارجية تشين جانغ، ثم اختفى قادة القوة الصاروخية، والآن لم يظهر وزير الدفاع لي شانغ فو علنًا لمدة أسبوعين”.
تجدر الإشارة إلى أن رواية (لم يبق أحد) تركز أحداثها على قصة 10 غرباء دعوا جميعاً إلى جزيرة بعيدة عن شاطئ ديفون في جنوب إنكلترا، حيث يموتون واحداً تلو الآخر، وشيئاً فشيئاً يُدركون أن القاتل هو أحدهم، وفي النهاية تتحول القصة إلى لغز في غرفة مغلقة، حيث تموت كل الشخصيات، وتبقى الشرطة مع 10 جرائم غير محلولة.
واشنطن تلاحق عناصر من الجيش الصيني قضائيا بتهمة التجسس المعلوماتي
أطلقت الولايات المتحدة للمرة الأولى ملاحقات قضائية بتهمة التجسس المعلوماتي بحق عناصر في الجيش الصيني تتهمهم بسرقة أسرار صناعية لشركات أميركية كما أفادت وسائل إعلام أميركية الاثنين.
ويثير التحقيق في قضية لي تساؤلات بشأن مدى فعالية حملة مكافحة الفساد التي شنها شي، الذي يشغل منصب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية.
وفي هذا الصدد، قال الخبير السابق بشؤون الجيش الصيني في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، دينيس وايلدر: “إذا كانت إقالة وزير الدفاع وقادة القوة الصاروخية بسبب الفساد، فهذا يشير إلى أن عملية التدقيق التي يقوم بها شي لاختيار كبار المسؤولين معيبة للغاية، وتشير إلى أن الفساد أمر شائع داخل النظام (الصيني)، على الرغم من حملة شي التي استمرت عقدًا ضده (الفساد)”.
وأضاف وايلدر أن إدارة المعدات، التي كانت تسمى سابقًا إدارة التسلح العامة، “لديها تاريخ طويل من وجود أسوأ الفساد” داخل الجيش الصيني.
وقالت خبيرة الشؤون الصينية في صندوق مارشال الألماني، بوني غلاسر، إن “إقالة لي يمكن أن تساعد العلاقات العسكرية بين واشنطن وبكين، من خلال إزالة العقبة التي أصرت الصين على أنها ستمنع أي اجتماع مع أوستن”.
وأضافت: “لا أعتقد أن ذلك يدعو إلى التشكيك بشأن مدى سيطرة شي جين بينغ على الجيش، لكن يجب أن يكون بمثابة تذكير بمدى الفساد الموجود في النظام”.