- Author, بول أدامز
- Role, بي بي سي – كييف
تهدد هجمات المسيرات الروسية الليلية على موانئ نهر الدانوب في أوكرانيا بخنق أحد شرايين الحياة الاقتصادية الحيوية في كييف.
وكثفت روسيا في الأيام الأخيرة هجماتها الجوية التي بدأت قبل أكثر من شهر على مواقع أوكرانية.
وفي كل صباح تقريبا ترد تقارير عن انفجارات جديدة في منشآت تخزين الحبوب والبنية التحتية للموانئ في مينائي ريني وإسماعيل الداخليين وما حولهما.
وتعد أوكرانيا موردا عالميا رئيسيا للحبوب، لكن الحرب عطلت الإمدادات بشدة.
وأعلن حاكم منطقة أوديسا، التي تضم موانئ نهر الدانوب أوليغ كبير، تدمير 14 مسيرة روسية من طراز “شاهد” في سماء المنطقة.
لكن كان هناك عدد آخر من المسيرات التي سببت أضرارا جسيمة.
وقال دينيس مارشوك، نائب رئيس المجلس الزراعي الأوكراني، لبي بي سي: “الهجمات الروسية دمرت أكثر من 270 ألف طن من الحبوب”.
وأضاف: “إنهم يدمرون البنية التحتية والمصاعد حيث يتم تخزين الحبوب للتصدير إلى الأسواق الخارجية”.
ويوم الخميس، طلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مساعدات من بريطانيا خلال مكالمة مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك.
وقال زيلينسكي في تغريدة بعد ذلك: “نحن بحاجة إلى شركاء لمساعدتنا في تعزيز الدفاع الجوي في منطقة أوديسا”.
وبدأت روسيا في تركيز هجماتها بطائرات بدون طيار على موانئ الدانوب بعد انسحابها من مبادرة حبوب البحر الأسود، التي تم التوصل إليها بوساطة دولية في منتصف يوليو/تموز، بحجة أن مصدري المنتجات الزراعية في روسيا كانوا بحاجة إلى رعاية أكبر.
وتهدف المبادرة إلى توفير ممر آمن للسفن التي تحمل الحبوب إلى الأسواق العالمية.
ومنذ انسحاب روسيا من الاتفاقية، تم السماح لعدد قليل فقط من السفن، التي لم تكن تحمل أي حبوب، بالإبحار من موانئ أوكرانيا عبر البحر الأسود.
لذلك ازدادت أهمية ممر الدانوب المائي كوسيلة لتصدير الحبوب الأوكرانية.
ومن الناحية النظرية، فإن هذا الممر أكثر أمانا، حيث تدخل السفن من ممر نهر الدانوب مباشرة إلى المياه الإقليمية الرومانية في البحر الأسود.
وتتوجه معظم السفن إلى ميناء كوستانتا الروماني ثم تواصل الشحنة رحلتها إلى وجهتها الرئيسية.
وقال مارشوك إنه من الواضح سبب مهاجمة روسيا لموانئ الدانوب.
وأضاف نائب رئيس المجلس الزراعي الأوكراني أن “روسيا تفعل ذلك لأن خفض الصادرات من أوكرانيا قد يفتح لها أسواقا خارجية جديدة (لمنتجاتها الزراعية)”.
وتابع: “إنهم يريدون فتح أسواق جديدة لن تتمكن أوكرانيا من التوريد إليها”.
وأضاف أنه لا يزال يتم تحميل الحبوب في مينائي ريني وإسماعيل، لكن التهديد بالهجمات الروسية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التأمين وإثارة قلق شركات الشحن.
وبلغت صادرات أوكرانيا حوالي مليوني طن شهريا عبر نهر الدانوب، خلال شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز، مع خطط لرفع هذا الرقم إلى حوالي ثلاثة ملايين طن.
وعلى الرغم من الهجمات، ارتفعت الصادرات فعليا في أغسطس/آب إلى 2.5 مليون طن، لكن مع ارتفاع تكاليف الشحن، أصبحت هذه الشحنة أقل قيمة بالنسبة للمزارعين الأوكرانيين.
وقال دينيس مارشوك، إنه من المستحيل التنبؤ بما سيحدث مستقبلا.
وأضاف: “لقد وقع عدد كبير جدا من الهجمات في الأيام الخمسة الماضية. إنها شديدة للغاية”.
وكرر دعوة الرئيس زيلينسكي للحصول على مساعدات دولية.
وقال: “نأمل ألا يتمكنوا (الروس) من الاستمرار في القيام بهذه الهجمات، وأن نتمكن بمساعدة شركائنا من حماية البنية التحتية للميناء”.
وتظل مبادرة حبوب البحر الأسود معلقة، على الرغم من الجهود الأخيرة التي بذلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإقناع فلاديمير بوتن بتغيير رأيه.
وفي الوقت الحالي، يعد طريق الدانوب هو البديل الأكثر أهمية على الإطلاق.
وتوجد طرق أخرى، عن طريق البر والسكك الحديدية، لكنها أقل كفاءة وقدرة على نقل كميات كبيرة من الحبوب.
وتسبب الموقف في أزمة زراعية بعدة دول منها المجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا، والتي اضطرت تحت ضغط مزارعيها لحظر واردات الحبوب الأوكرانية لحماية منتجاتها الزراعية المحلية، لكن الاتحاد الأوروبي أنشأ ممرات عبور لتمكين الحبوب الأوكرانية من الوصول إلى الأسواق في الغرب.
وبما أن نهر الدانوب يشكل جزءا من حدود أوكرانيا مع دول حلف شمال الأطلسي، فإن الهجمات الروسية تحمل بعدا جيوسياسيا إضافيا.
تم تصوير مسيرة روسية واحدة على الأقل وهي تنفجر عبر النهر داخل رومانيا.
وعندما كشف المسؤولون الأوكرانيون هذا الأمر، هذا الأسبوع، أنكرت رومانيا ذلك في البداية.
وبدا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، غاضبا وقال إنه “من غير المجدي إنكار وقوع شيء ما هناك”.
وأشار إلى أن أعضاء الناتو يغضون الطرف عن تصرفات روسيا.
وأضاف أن “الشركاء يميلون إلى محاولة عدم التصعيد من خلال تفسير بعض الأحداث، حتى لا يتورطوا في صراع مباشر (مع روسيا)”.
واعترفت رومانيا في نهاية المطاف بالعثور على بعض شظايا مسيرة روسية على جانب النهر داخل أراضيها.
ومن الواضح أن الحكومة في بوخارست، التي أدانت بشدة الهجمات الروسية على منشآت نهر الدانوب في أوكرانيا، تريد السيطرة على الموقف.
خلاصة القول: لا أحد في رومانيا يرغب في تفعيل المادة الخامسة، مبدأ الدفاع الجماعي لحلف شمال الأطلسي، بشأن شظايا قليلة من مسيرة روسية كانت ملقاة في أحد الحقول.