التخطي إلى المحتوى

روسيا تقول إنها صدَّت هجمات وقتلت ألف جندي أوكراني في 24 ساعة

أكدت كييف أنها تحرز تقدماً بطيئاً في هجومها المضاد. وجاء ذلك مخالفاً لتصريحات موسكو التي قالت (الجمعة)، إنها صدت الكثير من الهجمات على طول خط المواجهة وكبَّدت القوات الأوكرانية خسائر كبيرة في الأرواح. وتحاول أوكرانيا اختراق الخطوط الروسية في جنوب مدينة أوريخيف في مسعى لشق صفوف القوات الروسية وتهديد خطوط إمدادها الرئيسية. وكان الجنوب الهدف الرئيسي لهجوم مضاد أوكراني، وتحدث الجيش عن المزيد من التقدم، الجمعة، بالقرب من قرية «روبوتين». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قد صرح، يوم الاثنين الماضي، أن الهجوم المضاد الأوكراني، الذي انطلق في شهر يونيو (حزيران) فشل في تحقيق أي تقدم.

في غضون ذلك، استمرت حرب المسيّرات بين الطرفين واستهدف كل منهما مدن الطرف الآخر. إذ أكد وزير الداخلية الأوكراني مقتل أربعة أشخاص واصابة العشرات (الجمعة) بعد قصف روسي ضرب مدناً في وسط أوكرانيا وشرقها.

عسكري أوكراني خلال تشغيل طائرة مسيّرة تحمل قنبلة قرب باخموت في إقليم دونيتسك يوم 3 سبتمبر الجاري (أ.ب)

وتقاتل أوكرانيا منذ عدة أشهر في محاولة لاستعادة بعض تلك الأراضي، واستعادت السيطرة على عدد من القرى لكنها لم تحقق بعد نجاحات كبيرة بسبب خطوط المواجهة الروسية المحصّنة التي تزخر بآلاف الألغام الأرضية. وخص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بالذكر الوحدات العسكرية في الشرق والجنوب (الخميس) لجهودها في القتال، كما أشار مسؤولون عسكريون إلى تحقيق بعض النجاحات في باخموت وبالقرب من قرية روبوتين.

في المقابل، أكدت موسكو أن القوات الروسية لا تزال صامدة في مواقعها.

وقالت وزارة الدفاع الروسية، كما نقلت عنها «رويترز»: «صدت وحدات من القوات الجنوبية، بالتعاون مع الطيران والمدفعية، 12 هجوماً باتجاه دونيتسك». وأضافت: «باتجاه زابوريجيا، صدت وحدات من القوات الروسية خمس هجمات خلال النهار». وذكرت روسيا أن الخسائر البشرية الأوكرانية بلغت نحو ألف رجل في 24 ساعة من القتال.

لكن لم تتحقق وسائل الإعلام بشكل مستقل من روايات أي من الجانبين بشأن ما يحدث في ساحة القتال.

وعلى صعيد حرب المسيّرات، قال وزير الداخلية الأوكراني إيهور كليمينكو، إن صاروخاً روسياً قصف مبنى للشرطة في مدينة كريفي ريه وسط البلاد (الجمعة)، مما أدى إلى مقتل شرطي وإصابة كثيرين آخرين. وكتب كليمينكو على تطبيق «تلغرام» أن مبنى الشرطة الإداري دُمر، وأن عمال الإنقاذ أخرجوا عدة أشخاص من تحت الأنقاض بعد الهجوم على مسقط رأس الرئيس فولوديمير زيلينسكي.

وذكر كليمينكو أن عدد المصابين بلغ 25 شخصاً لكن سيرهي ليساك، الحاكم الإقليمي، قال لاحقاً إن نحو 40 أُصيبوا. وكتب كليمينكو في منشور على «تلغرام»: «قُتل شرطي جراء هجوم روسي»، وأرفق بالمنشور صوراً تُظهر مبنى تحول إلى أنقاض وعمال إنقاذ يحملون رجلاً على نقالة.

وكثفت روسيا هجماتها الجوية على البنية التحتية الأوكرانية لتصدير الحبوب على نهر الدانوب وفي ميناء أوديسا منذ منتصف يوليو (تموز)، عندما انسحبت موسكو من الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية بشكل آمن عبر البحر الأسود.

وشنت روسيا أيضاً خامس هجوم بالطائرات المسيّرة هذا الأسبوع على منطقة أوديسا التي توجد فيها موانئ أوكرانية مطلة على البحر الأسود ونهر الدانوب. وتستخدم تلك الموانئ في تصدير الحبوب ومنتجات زراعية أخرى. وقال أوليه كبير، حاكم منطقة أوديسا عبر تطبيق «تلغرام»: «خلال الليل، هاجم الإرهابيون الروس منطقة أوديسا للمرة الخامسة هذا الأسبوع».

وذكر مسؤولون أن الدفاعات الجوية أسقطت 16 من أصل 20 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا خلال الليل، بينما قالت القيادة العسكرية الجنوبية إن 14 طائرة مسيّرة أُسقطت فوق منطقة أوديسا وطائرتين أخريين فوق منطقة ميكولايف.

وأكد رئيس إدارة المدينة أولكسندر فيلكول، كما نقلت عنه الوكالة الألمانية للأنباء، جرح أكثر من 40 شخصاً نتيجة القصف. كذلك جُرح ثلاثة أشخاص على الأقل إثر تعرض مدينة سومي في شمال شرقي أوكرانيا لقصف صاروخي روسي، حسبما قال مسؤولون، فيما أُصيب شخص في هجوم صاروخي على منطقة زابوريجيا جنوب شرقي أوكرانيا. وقال مسؤول الإدارة المحلية بزابوريجيا، يوري مالاشكو، إنه «على مدار الساعات الأربع والعشرين الماضية، سُجّل 93 هجوماً للعدو على 29 بلدة وقرية في المنطقة».

وفي سياق متصل، وصلت الدبابات العشر الأولى من طراز «ليوبارد 1» التي تعهدت كلّ من الدنمارك وألمانيا وهولندا في فبراير (شباط) بإرسالها إلى أوكرانيا، كما أعلن الجيش الدنماركي، الجمعة، على أن تتبعها دبابات أخرى لاحقاً. وفي مطلع فبراير (شباط)، وعدت الدول الأوروبية الثلاث بإرسال مئات الدبابات الثقيلة «في الأشهر المقبلة» لدعم كييف في مواجهتها للقوات الروسية. وقال الجيش الدنماركي في بيان: «أُرسلت الدبابات العشر الأولى إلى أوكرانيا، وغيرها في الطريق»، مضيفاً: «أُرسلت عشر دبابات أخرى من المصنع». ولفت الجيش إلى أن العسكريين الدنماركيين يدرّبون في ألمانيا القوات الأوكرانية على استخدام هذه الدبابات. وقال قائد الجيش الدنماركي غانر أربيه نيلسن، حسبما أورد البيان ونقلت عنه الصحافة الفرنسية: «لا شكّ لديَّ في أن ذلك سيساعد في المعركة المستمرة».

وقد ظلّ الجيش الدنماركي، حتى عام 2005 يستخدم دبابات «ليوبارد 1 A5» التي قدّمها لكييف هذا العام. وفي عام 1997 اشترى 51 دبابة «ليوبارد 2 A4» التي طوّرتها ألمانيا، وتخلّى عن دبابات «ليوبارد 1 A5» تدريجياً.

بدورها أعلنت الولايات المتحدة (الخميس) مساعدة عسكريّة جديدة بقيمة 600 مليون دولار لأوكرانيا، تشمل معدّات لإزالة الألغام وأنواعاً مختلفة من الذخائر. وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في بيان، أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، إنّ هذه المساعدة تهدف إلى تلبية «حاجات أوكرانيا في ساحة المعركة» وتُظهر «الدعم الثابت» للولايات المتحدة. غير أنّ هذه المساعدة الجديدة لن تكون متاحة على الفور في الميدان، إذ إنّها تندرج في إطار برنامج المساعدات الأمنيّة لأوكرانيا الذي من خلاله تُوفّر واشنطن معدّات لهذا البلد عبر صناعتها الدفاعيّة أو شركائها بدلاً من أن تَسحب مباشرةً من مخزوناتها.

يأتي هذا الإعلان غداة كشف وزير الخارجيّة الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، عن مساعدة لكييف بقيمة مليار دولار، تتضمّن تزويد أوكرانيا بذخائر تحوي اليورانيوم المنضّب من عيار 120 ملم مخصّصة لدبابات «أبرامز» الأميركيّة التي وعدت واشنطن بتسليمها لكييف. تقود الولايات المتحدة تحالفاً دولياً لدعم أوكرانيا، وتعهدت بتقديم أكثر من 43 مليار دولار من المساعدات العسكرية لكييف منذ بدء النزاع في فبراير 2022.

من جهة أخرى، أبدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، تفهماً لمطلب أوكرانيا تسليمها صواريخ «كروز طويلة المدى» من طراز «تاوروس». وأشارت في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية وصحيفة «أويست فرنس» الفرنسية، الصادرة (الجمعة)، إلى أن الجيش الروسي زرع حقول ألغام ضخمة بين الأراضي المحتلة وبقية أوكرانيا، وقالت: «من أجل تحرير المواطنين في شرق أوكرانيا، ومن أجل ضرب خطوط الإمداد الروسية خلف خط الدفاع، يجب التغلب على حزام الألغام… في ضوء ذلك يعد الطلب الأوكراني صواريخ طويلة المدى أمراً مفهوماً للغاية».

جنود أوكرانيون يتدربون على استخدام دبابات طراز «ليوبارد 1» (رويترز)

في الوقت نفسه، دعت بيربوك إلى دراسة متأنية للمطلب، وقالت: «هذا ليس شيئاً يمكنك القيام به بسرعة بالغة -تماماً كما كان الحال مع دبابات (ليوبارد) ونظام الدفاع الجوي (إيريس – تي)- يجب توضيح كل التفاصيل مسبقاً… كان المهم في ذلك أيضاً هو: كيف يمكننا دعم أوكرانيا بأفضل طريقة في الوضع الحالي؟».

وعندما سُئلت هل ينبغي برمجة صواريخ «تاوروس» بحيث لا تصل إلى الأراضي الروسية، قالت الوزيرة: «لقد طرح الشركاء الآخرون أيضاً على أنفسهم أسئلة مماثلة ووجدوا حلولاً».

وتطالب أوكرانيا بصواريخ «كروز» من طراز «تاوروس» منذ فترة طويلة. وقد أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس، حتى الآن عن تحفظاته بشأن هذا الأمر. والسبب في عدم اتخاذ ألمانيا قراراً بتسليم الصواريخ لأوكرانيا حتى الآن هو وجود مخاوف من أن أوكرانيا قد تطلق الصواريخ الحديثة على أهداف في الأراضي الروسية، وأن روسيا يمكن أن تنتقم بعد ذلك.