التخطي إلى المحتوى

علق سجناء بالبحرين بشكل “مؤقت ومشروط” إضرابهم عن الطعام الذي بدأ قبل 35 يوما، بعد تعهد السلطات بتنفيذ مطالبهم ومنحهم المزيد من الحقوق، بينما يوضح أقارب بعض السجناء ونشطاء لموقع “الحرة” بنود ذلك الاتفاق والسر وراء صدوره في ذلك التوقيت.

وفي حديثها لموقع “الحرة”، كشفت ليلى وهي شقيقة السجين السياسي البحريني، جاسم عبد الله، عن “تعليق السجناء المضربين عن الطعام لإضرابهم المستمر من 35 يوما وذلك بشكل مؤقت”، بعد وعود من الجهات المختصة بتنفيذ كافة مطالبهم في مدة أقصاها أسبوعين.

تعليق “مؤقت”

وبعد التشاور وافق السجناء على “تعليق الإضراب مؤقتا” إلى تاريخ 30 سبتمبر حتى تحقيق هذه الوعود، وفق شقيقة السجين السياسي.

وتوضح أن الوعود تتعلق بـ”حق كل نزيل بزيارة خاصة كل 100 يوم، وتكون الزيارة حتى الدرجة الرابعة”.

ووعدت السلطات المختصة السجناء بـ”إخراج من في سجون العزل، وكذلك “تعديل تعريفة الاتصال وزيادة عدد الدقائق والأرقام الخاصة بذلك”، وفق حديثها.

وتتحدث عن تعهد السلطات المختصة بـ”زيادة عدد ساعات التشمس، وتعديل الوضع الصحي والنظر في الحالات الطارئة”.

وفي سياق متصل، يؤكد مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية بلندن، سيد أحمد الوادعي، تعليق “مئات السجناء إضرابهم عن الطعام” بشكل مؤقت ومشروط حتى 30 سبتمبر الجاري.

ووافق السجناء على “تعليق الإضراب لإتاحة الفرصة لتطبيق التغييرات الموعودة، وفقا لحديثه لموقع “الحرة”.

وتتضمن التغييرات الموعودة الحد من الحبس الانفرادي والتوسع في حقوق الزوار ومد ساعات تريض السجناء نهارا “التشمس”، وتحسين الرعاية الصحية في السجن.

وجاء “التعليق المؤقت” للإضراب عن الطعام بينما يعاني بعض السجناء من مشكلات صحية، ولمعرفة ما إذا كانت “التغييرات” التي وعدت حكومة البحرين بتنفيذها في “سجن جو” ستتحقق أم لا، وفق توضيح الوادعي.

وكشف الوادعي عن استئناف عبدالهادي الخواجة وهو ناشط حقوقي بحريني-دنماركي يبلغ 62 عاما ومسجونا منذ 12 عاما، الأربعاء، لـ”الإضراب عن الطعام”، بعدما رفضت إدارة السجن أخذه لموعد طبي بالمستشفى.

أجواء ما قبل “تعليق الإضراب”

وبدأ 800 على الأقل من السجناء، لاسيما في مركز الإصلاح والتأهيل المعروف باسم “سجن جو”، إضرابا عن الطعام منذ 7 أغسطس احتجاجا على ظروف الاعتقال، قبل “تعليقه بشكل مؤقت”.

وحصل موقع “الحرة” على تسجيل صوتي لسجين بسجن “جو” يتحدث خلاله عن ملابسات الإضراب وكيفية تعامل سلطات السجن مع السجناء المضربين.

وفي التسجيل الصوتي، يقول السجين، الذي نتحفظ عن ذكره اسمه، إن “إدارة السجن تتعامل مع السجناء بمنطق الانتقام”، مطالبا بإنقاذهم من “الموت البطيء، الذي تمارسه عليهم إدارة السجن”.

ويقول “نحن نقضي عقوبة، وفي نفس الوقت تتم معاقبتنا داخل السجن”.

ويكشف عن قضاء السجناء معظم وقتهم “مستلقين على الفراش”، وعدم ذهابهم للتشمس بالباحة الرياضة، ويتم إخراجهم من محبسهم فقط للاتصال ثم العودة إلى “الزنازين” مرة أخرى.

ويضيف “إدارة السجن ليست لديها مشكلة من موت أحد السجناء خلال الإضراب، وسوف تنتقم منا، بطريقة أسوء من الوضع الحالي”.

وعن حالته الصحية نتيجة الإضراب المستمر عن الطعام، يقول ” أشعر بضعف في النظر، ولا أستطيع الرؤية في بعض الأوقات، وأصبح وزني ٦٢ كيلو غراما، بعدما كان ٧٥ كيلو غراما قبل الإضراب”.

ويتحدث عن “غياب الرعاية صحية التي تقدمها إدارة السجن للمضربين”، مشيرا إلى “ارتفاع نسبة السكر لدى أحد السجناء، وبعدما تم أخذه للعيادة، رفضوا عرضه على الطبيب، إلا إذا قام بشرب عصير أو أخذ المغذي الوريدي”.

وفي التسجيل الصوتي يتحدث عن “تولي رجال الشرطة مسؤولية معاينة الحالات الطارئة، وتصنيف الحالات التي تحتاج للعرض على الطبيب”.

ويقول “الشرطة أصبحوا أطباء الآن أو عليك أن تنتظر ٥ ساعات”.

وعن مطالب السجناء لوقف “الإضراب”، يشير السجين إلى ضرورة “إيقاف سياسة العزل الجائرة، التي يمارسها الضباط بدون قانون، ويستخدمونها بطريقة شخصية لعزل السجناء”.

ويطالب بتوفير “الرعاية الصحية اللازمة”، لأن “الحالات الخاصة والحرجة لا علاج لها”.

ويتهم الضباط بإلغاء مواعيد المتابعة والعمليات، مشيرا إلى أن هناك سجينا ينتظر الموعد منذ أكثر من سنه ويتم إلغاؤه بـ”حجج أمنية”.

ويقول “كنا نبقى داخل الزنزانة لمدة ٢٣ ساعة، والآن بعد الإضراب، نظل داخلها لمدة ٢٢ ساعة يوميا”.

ومن جانبه، يؤكد حسن عبدالنبي الستري، شقيق السجينين بسجن “جو” عبد الكريم وإبراهيم، لموقع “الحرة”، صحة الكثير من النقاط الواردة في التسجيل الصوتي.

ويوضح الستري، ولاجئ سياسي في أستراليا منذ 13 عاما، أن “إدارة السجن قامت منفردة بزيادة وقت الاستراحة والتشمس من ساعة إلى ساعة ونصف الساعة”، مع اختيار “وقت ذروة حرارة الشمس”، لإخراج السجناء من محبسهم.

وعندما يسقط بعض السجناء المضربين بسبب “التعب”، يتم نقلهم إلى الصالة العامة لعنبر السجن التي يطلق عليها “الكونتر”، وينتظرون لساعات حتى يصل إليهم رجل الشرطة لنقلهم إلى العيادة، وفقا لما ينقله عن أحد أشقائه خلال اتصال هاتفي منذ أسبوع.

ويقول “كان صوت شقيقي إبراهيم مرهقا للغاية، وشقيقي الآخر عبدالكريم سقط متعبا وتم نقله إلى صالة السجن”.

وفي وقت الاتصال، سمعت أصوات أبواب تطرق، وعندما سألته عن “سبب تلك الأصوات، أخبرني بأن أحد السجناء سقط من التعب، ولذلك يضطر رفقاؤه لطرق أبواب الزنازين بالأكواب المعدنية لطلب رجال الشرطة الذين يتأخرون في الوصول لإسعاف المضربين”، وفقا لشهادته.

ويوضح أنه “في بعض الأحيان تكون حالة السجين خطيرة، ما يدفع السجناء لطرق الأبواب بشكل أكثر حدة وقوة ولمدة أطول”.

ما رد الحكومة البحرينية؟

تواصل موقع “الحرة” مع مركز الاتصال الوطني بالبحرين، حيث قال مصدر حكومي مطلع على تطورات الوضع من الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل إن “المضربين عن الطعام أنهوا إضرابهم”.

وأشار المصدر إلى زيارة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، مركز الإصلاح والتأهيل بـ”جو”، مساء الثلاثاء، للوقوف على تفاصيل إنهاء الإضراب.

وحسب ما جاء في رد مركز الاتصال الوطني فإن النزلاء المضربين عن الطعام في مركز الإصلاح والتأهيل في (جو) قرروا وقف الإضراب عن الطعام اعتبارا من 11 سبتمبر 2023 بعد أن تمت إعادة تنظيم ساعات الزيارة وزيادة ساعات التشمس وعدد الأرقام المسموح بها للاتصال”.

وأكد مركز الاتصال الوطني بالبحرين أن خلال فترة الإضراب عمل مركز الإصلاح والتأهيل على ضمان جميع حقوق النزلاء، بما في ذلك استمرار المكالمات الهاتفية والاتصال المرئي، والزيارات العائلية وفترة الهواء الطلق اليومية “التشمس” والفحص الطبي الروتيني اليومي.

وتحدث المركز عن “رفض أغلبية المسجلين كمضربين عن الطعام إجراء الفحوصات الطبية”، مشيرا إلى أنه “لم تتطلب أي حالة صحية لنزيل منهم اللجوء للرعاية الطارئة نظرا للإضراب”.

ويتم تقديم خدمات الرعاية الصحية عبر المستشفيات الحكومية وهي ملتزمة بأداء واجباتها في توفير الرعاية الصحية المتكاملة لكافة النزلاء على مدار الساعة وبأعلى مستويات الجودة والكفاءة بما يضمن الحفاظ على صحتهم وسلامتهم العامة، وفي جميع التخصصات الطبية انطلاقا من مسئولياتها في تقديم الرعاية الشاملة للجميع، بما يتوافق مع البروتوكولات والمعايير الصحية الدولية المعتمدة، حسبما ذكر مركز الاتصال الحكومي البحريني.

واشتملت الاستجابة السريعة للمركز الاضراب السابق على تقديم المشورة للسجناء بشأن المخاطر الصحية وتوفير عيادة مؤقتة إضافية مخصصة للنزلاء الذين أبلغوا عن إضرابهم عن الطعام مع توفير طاقم تمريض إضافي من قبل المستشفيات الحكومية، للإشراف على صحة جميع النزلاء، وتوفير دعم طبي إضافي على مدار الساعة، علماً بأنه تم توفير خدمات الرعاية الصحية ذاتها لجميع النزلاء داخل المركز، وفق مركز الاتصال الحكومي.

وقال المركز إن “الحكومة تتعامل بشكل جدّي مع أي مزاعم لسوء المعاملة”، مشيرا إلى أن “في حال وجود أي شكاوى يتم التعامل معها في إطار قانوني من قبل الجهات الحكومية أو المؤسسات الرقابية”.

وحسب ما ذكره المركز فإن الحكومة تلتزم بـ”حماية حقوق الإنسان وضمان الامتثال للمعايير الدولية في جميع التعاملات مع النزلاء”.

وأشار المركز إلى حسب قانون الإصلاح والتأهيل المعمول به في المركز فالعزل “إجراء محدود وليس سياسة”.

ووفق مركز الاتصال الحكومي بالبحرين فيتم تفعيل العزل على نطاق محدود كما هو معمول به المنظومات الإصلاحية حول العالم في “ثلاث حالات”.

وتتعلق تلك الحالات بـ”سبب طبي بطلب من الطبيب المختص، أو تنفيذا لجزاء تأديبي بحسب المدد المحددة في اللوائح المعمول بها في الاصلاح والتأهيل، أو بأمر صادر من السلطة القضائية المختصة في مرحلة التحقيق الابتدائي”، وفق المركز.

هل ينتهي الإضراب بشكل “دائم”؟

ويقول الوادعي “يؤسفني اضطرار السجناء السياسيين للإقدام على الإضراب القاسي المستمر الذي استمر لأكثر من شهر، بسبب مطالبهم بحقوقهم”.

ولم يكن من المفترض أساسا “سجن غالبية هؤلاء السجناء السياسيين”، لأن الكثير منهم انتقد السلطة بـ”صورة سلمية” وتقدم بمطالب مشروعه، ورغم ذلك تم محاكمتهم بشكل “جائر وظالم” وصدرت ضدهم “أحكاما تعسفية”، وفق مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية بلندن.

وبدل من “إطلاق سراح السجناء السياسيين” بات الحديث عن “تحسين ظروف السجن القاسية، وتوفير العلاج لهم، ومعاملتهم بشكل إنساني”، وهو ما عمدت إليه السلطة بالبحرين، حسبما يؤكد.

وعمدت السلطة إلى “إيصال بعض السجناء لحافة الموت” حتى تتلخص مطالبهم في “تحسين ظروف احتجازهم”، على حد تعبيره.

ويستبعد الوادعي تنفيذ الحكومة البحرينية “التغييرات الموعودة” خلال الفترة المحددة، رابطا التعهدات الحكومية بـ”زيارة ولي العهد البحريني، الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، إلى واشنطن، هذا الأسبوع”.

ويرى أن الحكومة لجأت لـ”التهدئة وإعطاء الوعود للسجناء” حتى لا يكون الملف الحقوقي على رأس المناقشات مع الجانب الأميركي.

وفي حال عدم تنفيذ كافة مطالبهم خلال أسبوعين “فسوف يستأنف السجناء الإضراب عن الطعام بصورة أكبر مما حدث سابقا”، وفقا لما ينقله مدير معهد البحرين للحقوق والديمقراطية بلندن عن بعض هؤلاء السجناء.

وتتفق معه ليلى التي تقول “إذا لم يتم تنفيذ المطالب والوعود سيعود الإضراب من جديد وبإرادة أقوي”.

أقارب معتقلي “جو” يكشفون للحرة ما يحدث خلف القضبان.. والبحرين ترد

يعيش السجناء السياسيون أوضاعا مأساوية داخل سجن في البحرين، ويتعرضون لـ”الانتهاك والتعذيب ومنع الأدوية، والحبس دون التشمس، ووضع قيود على ممارسة الشعائر الدينية”، ما دفعهم للإضراب عن الطعام، وفق أقارب للسجناء ونشطاء تحدث معهم موقع “الحرة”.

وخلال فترة الإضراب، شهدت مناطق في البحرين “تحركات احتجاجية شبه يومية” دعما للسجناء، في مشاهد أعادت التذكير بالتظاهرات الواسعة التي شهدتها البلاد في العام 2011.

والإضراب الذي استمر لأكثر من شهر هو أحد أطول احتجاجات المعارضة منذ عقد، منذ أن قمعت البحرين بمساعدة السعودية والإمارات احتجاجات الربيع العربي عام 2011 فيها.