إدارة بايدن قد تسلم أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى قريباً
تجري إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن محادثات مكثفة، حول ما إذا كان سيجري تزويد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، وسط مساعٍ مكثفة للولايات المتحدة لنقل أنواع جديدة من الأسلحة، من بينها شحنة صواريخ بعيدة المدى مسلحة بقنابل عنقودية، وفقاً لمسؤولين أميركيين وأوكرانيين، تحدثوا إلى وسائل إعلام عدة.
وكانت محطة «إيه بي سي نيوز» الأميركية، أول من ذكر أن الولايات المتحدة، تقترب من اتخاذ قرار بشأن إرسال صواريخ «إيه تي إيه سي إم إس» بعيدة المدى، التي يصل مداها إلى أكثر من 300 كيلومتر. ورفض المتحدث باسم البنتاغون، الجنرال باتريك رايدر خلال مؤتمره الصحافي الاثنين، التعليق على هذا النبأ، قائلاً إنه ليس لديه ما يعلنه عن هذا النظام، رافضاً أيضاً مناقشة مستويات مخزونات البنتاغون من هذه الصواريخ.
وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كان القرار قد وصل إلى مكتب الرئيس بايدن، قال المسؤولون إن القرار النهائي سيُتخذ خلال لقاء بايدن بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على هامش أعمال الجمعية العامة الأسبوع المقبل. ورغم ذلك، ترفض واشنطن وكييف الإعلان عن تلك المناقشات حول أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش.
وتضغط أوكرانيا على الولايات المتحدة لمنح الضوء الأخضر لتسليم نظام «إيه تي إيه سي إم إس»، بحلول الأسبوع المقبل. وقال المسؤولون في كييف إنهم يتوقعون بعض الأخبار الجيدة مع وصول زيلينسكي إلى مدينة نيويورك. ورغم قول المسؤولين الأميركيين إن هذا الجدول الزمني ضيق للغاية، يتوقع البعض صدور القرار في الفترة القريبة المقبلة. وقال زيلينسكي في مقابلة مع محطة «سي إن إن» يوم الأحد، إنه يخطط للتحدث مع بايدن حول هذه القضية. وقال: «بمجرد أنه فعل ذلك مع (هيمارس)، أعتقد أنه يستطيع تغيير هذه الصفحة وهذه الحرب». وأضاف أن المحادثات حول تسليم منظومة «إيه تي إيه سي إم إس» تتحرك إلى الأمام، «وآمل أن نحصل عليها في الخريف… وبالنسبة لنا، من المهم جداً عدم التوقف في هذا الهجوم المضاد وأنا في حاجة إليها بشدة».
وبينما تشن قواتها البرية هجمات ضد خطوط الخنادق الروسية المحمية جيداً والمواقع شديدة التحصين، أعطت أوكرانيا الأولوية لضرب العقد اللوجيستية الروسية ومراكز النقل خلف الخطوط الأمامية. كما استهدفت صواريخ «ستورم شادو» مستودعات الذخيرة في شبه جزيرة القرم.
قالت الإدارة التي عينتها روسيا للجسر الرئيسي الذي يربط الأراضي الروسية بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في 2014 من أوكرانيا في وقت مبكر من الثلاثاء إن حركة المرور على الجسر استؤنفت بعد توقف بصورة مؤقتة. ولم تكشف الإدارة عن سبب التوقف في البيان الذي نشرته عبر قناتها على «تلغرام». وكان جسر القرم هدفاً لهجمات جوية وبحرية كبيرة بطائرات مسيرة في الأشهر الأخيرة.
ورداً على سؤال حول احتمال تسليم تلك المنظومة إلى أوكرانيا، قال نائب مستشار الأمن القومي، جون فاينر، إن البيت الأبيض لم يستبعد أي شيء من فوق الطاولة. وقال للصحافيين على هامش قمة مجموعة العشرين في الهند: «موقفنا طوال الوقت هو أننا سنزود أوكرانيا بالقدرات التي ستمكنها من النجاح في ساحة المعركة». وأضاف: «سنواصل تقييم الوضع على الأرض واتخاذ القرارات على هذا الأساس».
وفي حال توقيع بايدن على القرار، فإنه سيوفر السلاح الذي طالبت به أوكرانيا منذ الأيام الأولى للحرب المستمرة منذ 18 شهراً. ومن شأن نظام «إيه تي إيه سي إم إس»، أن يمنح القوات الأوكرانية القدرة على ضرب ما هو أبعد من المواقع الدفاعية الروسية داخل أوكرانيا، وربما في عمق الأراضي الروسية.
وقد تلقت أوكرانيا بالفعل بعض الصواريخ بعيدة المدى، مثل صاروخ «ستورم شادو» البريطاني، الذي يمكنه التحليق مسافة تصل إلى 240 كيلومتراً، غير أن إطلاقه يجري من طائرات أوكرانية تعود إلى الحقبة السوفيتية، في حين يمكن إطلاق نظام «إيه تي إيه سي إم إس»، من قاذفات «هيمارس» نفسها التي تسلمتها أوكرانيا بالفعل، ما سيتيح للأوكرانيين قدراً أكبر من المرونة في مكان وكيفية إطلاق الصاروخ. وعادة ما تطلق قاذفات «هيمارس» صواريخ يبلغ مداها نحو 80 كيلومتراً، ووعدت الولايات المتحدة أيضاً بإرسال صواريخ يصل مداها نحو 150 كيلومتراً بحلول نهاية العام.
وكثيراً ما كانت إدارة بايدن متشككة في توفير أنظمة «إيه تي إيه سي إم إس» لأوكرانيا. وفي العام الماضي، قال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، أمام منتدى «أسبن» الأمني، إن بايدن يريد “التأكد من أننا لن ندخل في موقف نقترب فيه من الحرب العالمية الثالثة”. وأضاف أن إرسال صواريخ يمكن أن تطلقها أوكرانيا إلى روسيا سيزيد من هذا الخطر. لكنه في يوليو (تموز) الماضي، قال امام المؤتمر نفسه، إن الإدارة “مستعدة لتحمل الاخطار، وسنستمر في الاستعداد لتحملها لتقديم الدعم لأوكرانيا”. وجاء تصريحه القوي، بعدما أرسلت كل من المملكة المتحدة وفرنسا أسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا، مما أدى إلى تعرض الولايات المتحدة لانتقادات بسبب إحجامها عن اتخاذ خطوة مماثلة.
كما أن البنتاغون كان متردداً في إرسال تلك المنظومة، بسبب مخاوف بشأن مخزوناته منها. وسبق أن أبلغ مسؤولو الدفاع نظراءهم الأوكرانيين، بأن الولايات المتحدة ليس لديها أي نظام منها. وتقوم شركة «لوكهيد مارتن» المصنعة لتلك الصواريخ، بإنتاج نحو 500 صاروخ «إيه تي إيه سي إم إس» سنوياً، على الرغم من أنه من المقرر بيعها جميعاً إلى بولندا وفنلندا ورومانيا والإمارات العربية المتحدة وتايوان، التي طلبت النظام الصاروخي في السنوات الأخيرة، وفق بيانات رسمية.
ولم يقم الجيش الأميركي بشراء أنظمة جديدة منها، منذ سنوات عدة، على الرغم من أنه قام بتحديثها بأنظمة توجيه أفضل. كما يستعد البنتاغون أيضاً إلى تجاوز نظام «إيه تي إيه سي إم إس»، وسيبدأ بدءاً من هذا العام الانتقال إلى صاروخ «بريسيشن سترايك» الجديد، الذي يمكنه التحليق لنحو 500 كيلومتر على الأقل، وهو ما يتجاوز نطاق «إيه تي إيه سي إم إس» بشكل كبير. وسيبدأ الجيش الأميركي في استلام شحنات الصاروخ الجديد هذا العام، ما قد يجعل المزيد من أنظمة «إيه تي إيه سي إم إس» متاحة لنقلها إلى بلدان أخرى.
وفي هذا الوقت، ذكر 4 مسؤولين أميركيين أن إدارة الرئيس بايدن بصدد الموافقة على إمداد أوكرانيا بشحنة صواريخ بعيدة المدى مسلحة بقنابل عنقودية، ما يمكن كييف من إلحاق أضرار كبيرة في عمق الأراضي التي تحتلها روسيا. ووفق وكالة «رويترز» للأنباء، قال 3 مسؤولين إنه بعد نجاح الذخائر العنقودية في قذائف المدفعية عيار 155 ملليمتراً في الشهور القليلة الماضية، فإن الولايات المتحدة تدرس تزويد كييف إما بأنظمة الصواريخ التكتيكية العسكرية، «إيه تي إيه سي إم إس»، أو أنظمة الصواريخ المتعددة الموجهة التي يصل مداها إلى نحو 70 كيلومتراً والمحملة بقنابل عنقودية، أو بكلتيهما.
ومن جهة أخرى نقلت الإذاعة السويدية العامة عن مصادر لم تسمها (الثلاثاء) قولها إن الحكومة ستطلب من القوات المسلحة دراسة إمكانية إرسال طائرات مقاتلة من طراز «غريبن» إلى أوكرانيا. وذكرت الإذاعة أن الحكومة تريد أن تعرف كيف سيؤثر تسليم الطائرات على القدرات الدفاعية للسويد، وما مدى سرعة حصول البلاد على مقاتلات «غريبن» جديدة. وأفادت بأن الحكومة قد تطلب رسمياً من القوات المسلحة بحلول يوم الخميس النظر في هذه القضية. ووفق تقرير الإذاعة، عبرت أوكرانيا عن أملها في الحصول على سرب واحد، يتألف مما بين 16 و18 من الطائرات سويدية الصنع التي تنتجها شركة ساب للصناعات الدفاعية.
ورأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (الثلاثاء) أن تسليم مقاتلات «إف – 16» لأوكرانيا لن يؤدّي إلّا «لإطالة أمد النزاع» في أوكرانيا، وذلك بعد تصريحات لمسؤولين أوكرانيين أكّدوا أن كييف ستحصل قريباً على هذه الطائرات من حلفائها. وقال بوتين خلال المنتدى الاقتصادي الشرقي في فلاديفوستوك الواقعة في أقصى الشرق الروسي: «سيرسلون مقاتلات (إف – 16). هل سيغيّر ذلك شيئًا؟ لا أعتقد. سيؤدي ذلك فقط إلى إطالة أمد النزاع». وشدّد على أنه «متأكّد» من أن تسليم الولايات المتحدة للذخائر العنقودية من شأنه أيضاً أن «يطيل» النزاع. وأضاف: «هناك شيء آخر مقلق: لم يعد هناك حدود». وأوضح: «من زمن ليس ببعيد، كانت الإدارة الأميركية تعد استخدام الذخائر العنقودية جريمة حرب. قالت ذلك علناً». في يوليو (تموز) 2023، أرسلت واشنطن، التي لم تصدّق على اتفاقية 2008 لحظر إنتاج واستخدام الذخائر العنقودية ولم توقّعها، إلى كييف هذه الأسلحة، ما أثار حفيظة موسكو.
والذخائر العنقودية هي أسلحة مثيرة للجدل؛ إذ تثير مخاوف من مخاطر طويلة الأمد على المدنيّين. ولفت تقرير نشرته الأمم المتحدة في الخامس من سبتمبر (أيلول) إلى أن أوكرانيا سجّلت أكثر من 900 قتيل وجريح في عام 2022 جراء انفجار ذخائر عنقودية معظمهما خلال هجمات روسية.