التخطي إلى المحتوى

بعد التقارب العربي الكبير مع سوريا مؤخرا، باتت التكهنات مفتوحة أمام حضور رئيس النظام، بشار الأسد، بصفة شخصية للقمة العربية المزمع عقدها في الرياض خلال وقت لاحق هذا الشهر.

وتعقد جامعة الدول العربية قمتها السنوية على مستوى القادة في 19 من مايو الجاري بالعاصمة السعودية الرياض.

ويرى محللون تحدثوا لموقع قناة “الحرة” أن كل المؤشرات توحي بعودة سوريا لجامعة الدول العربية مجددا بعد سنوات الغياب السابقة بسبب الحرب الأهلية التي تعيشها البلاد دون أن يحددوا وقتا لذلك.

ومع ذلك، يعتقد محللون أن مسألة عودة سوريا غير محسومة حتى الآن بالإجماع العربي، مما يجعل حضور الأسد بنفسه لقمة الرياض مسألة “صعبة”.

وفي هذا الإطار، قال الأكاديمي المصري والباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بشير عبدالفتاح، أن حضور الأسد لقمة الرياض “صعب لكنه ليس مستحيلا” بالنظر لعدم توفر الإجماع العربي الكامل ومع اقتراب موعد الاجتماع.

لكنه استدرك خلال حديثه لموقع “الحرة” قائلا إنه “في السياسة كل شيء متوقع”.

“مسألة وقت”

وذكرت صحيفة “الفايننشال تايمز” البريطانية في تقرير لها أنه من بين الدول التي امتنعت عن الخطط التي تقودها السعودية لدعوة الأسد لحضور قمة الرياض هي قطر والكويت.

منذ بداية الحرب، قطعت دول عربية على رأسها السعودية علاقتها مع سوريا وسحبت سفراءها منها، وقدم عدد منها دعما للمعارضة المسلحة والسياسية. 

وخلال القمة العربية التي استضافتها الدوحة عام 2013، شارك وفد من الائتلاف السوري المعارض بوصفه “ممثلا” للشعب السوري.

لكن العلاقات السعودية السورية شهدت تقاربا واضحا خلال الأشهر الماضية حتى الوصول لزيارات متبادلة على مستوى وزيري خارجية البلدين.

وظهر الانفتاح السعودي تجاه دمشق للمرة الأولى بعد الزلزال مع هبوط طائرات مساعدات سعودية في مناطق سيطرة الحكومة، كانت الأولى منذ قطع الرياض علاقاتها مع دمشق عام 2012.

وبعد أسابيع قليلة، أعلنت الرياض الشهر الماضي أنها تجري مباحثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصلية بين البلدين.

ويعتقد المحلل السعودية المتخصص في الشؤون الاستراتيجية، محمد بن صالح الحربي، أن “عملية عودة سوريا (للجامعة العربية) أصبحت مسألة وقت”.

وقال لموقع “الحرة” إن الملف السوري “خطى خطوات متقدمة” بعد أن شهدت علاقات الرياض ودمشق “تدرج” مؤخرا وتوجت بـ “زيارة مهمة للأمير فيصل بن فرحان (وزير الخارجية السعودي) واستقباله من قبل الرئيس الأسد”.

في الشهر الماضي، استضافت السعودية اجتماعا لدول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق لبحث عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية.

ولم يصدر المجتمعون قرارا يقضي بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، التي علّقت عضويتها فيها عام 2011، لكنهم أكدوا على “أهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية لإنهاء الأزمة” في سوريا، وعلى “تكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود”.

“عملية قيد الإنجاز”

والاثنين، اجتمع وزراء خارجية 5 دول هي مصر والسعودية والأردن وسوريا والعراق في العاصمة عمّان، واتفقوا على تعزيز التعاون بين النظام السوري ودول الجوار المتأثرة بعمليات تهريب المخدرات عبر الحدود، بجانب العمل على تنظيم عمليات عودة طواعية للاجئين وفق إطار زمني واضح.

4 دول عربية والنظام السوري.. اتفاق على التعاون في ملفين

اتفقت دول مصر والسعودية والأردن وسوريا والعراق، اليوم الاثنين، على تعزيز التعاون بين النظام السوري ودول الجوار المتأثرة بعمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية، بجانب العمل على تنظيم عمليات عودة طواعية للاجئين السوريين وفق إطار زمني واضح.

وقال الحربي إن الدول العربية “وضعت جميع المبادرات والنقاشات على الطاولة” خلال اجتماع الأردن، مما يشير إلى أن مشاركة سوريا في الاجتماع “مرجحة” وفقا للمؤشرات السابقة.

وفي هذا الاتجاه، قال المحلل السياسي السوري، أسامة دنورة، في حديثه لموقع “الحرة” إن احتمالات عودة سوريا لجامعة الدول العربية “في أعلى مستوياتها”. ومع ذلك، يرى دنورة أن “الحضور الرسمي الكامل” لقمة الرياض لا يزال “عملية قيد الإنجاز”.

وأضاف أن هناك “مسار متصاعد” لعودة سوريا بشكل كامل لشغل مقعدها في الجامعة العربية بات يسلك “طريقا مستقيما”، لافتا إلى وجود “محطات مستمرة” على طريق التقدم.

وبمساعدة إيرانية وروسية، تمكن الأسد من البقاء في السلطة طوال سنوات الحرب التي لا تزال تدور رحاها في البلد العربي الممزق، إذ استطاع النظام السوري استعادة معظم الأراضي التي فقدها خلال سنوات النزاع الأولى.

وأودى النزاع بحياة أكثر من نصف مليون شخص وشرد أكثر من نصف سكان سوريا داخل البلاد وخارجها. كما أنه حول البلاد إلى ساحة تصفية حسابات بين قوى إقليمية ودولية، وترك كل ذلك أثره على الاقتصاد المنهك جراء الدمار الهائل الذي لحق بالبنى التحتية والمصانع والإنتاج.

وفي هذا الجانب، اعتبر دنورة أن الاتفاق السعودي الإيراني انعكس على المنطقة برمتها، مضيفا: “السعودية تقود عملية تنقية أجواء إقليمية لمصلحة جميع الأطراف”.

وقال إن “تنقية الأجواء في الإقليم إيجابية وتؤدي لعدد من التغييرات في طريق وقف الحروب التي ميزت العقد السابق على مستوى أكثر عمقا وأطول مدى”.

“الكبتاغون” على رأسها.. “تنازلات” مطلوبة من الأسد مقابل “التطبيع”

يرى بعض المحللين أن الاجتماعات التي عقدها مسؤولون عرب مع رئيس النظام السوري وبعض أركان حكمه تؤكد أن التطبيع مع بشار الأسد بات حتميا نوعا ما بانتظار معرفة التنازلات التي يمكن أن يقدم عليها ذلك الديكتاتور.

في مارس الماضي، اتفقت الرياض وطهران وهما طرفي يقفان على النقيض في عدة ملفات بالمنطقة، على إعادة علاقاتهما الدبلوماسية، مما ساهم في حلحلة بعض الصراعات التي ينظر إليها على أنها حروب بالوكالة بين البلدين.

ومع ذلك، تظل هناك بعض الملفات الملحة في سوريا بحاجة إلى حلول، بما في ذلك وجود المليشيات المسلحة في الأراضي السورية ووقف تجارة المخدرات وضمان عودة اللاجئين.

“الأسد مغلول اليد”

ويشير دنورة إلى أن “البيان الصادر عن وزراء خارجية (الدول المجتمعة) في عمّان تحدث عن ضرورة إخراج القوات غير الشرعية … من يمنح الشرعية هي الدولة صاحبة السيادة”.

وقال إن “القوى العسكرية تواجدت في مواجهة مجموعات إرهابية تورطت دول في دعمها”، وهي قوات جاءت بدعوة من الحكومة السورية الشرعية المعترف فيها من قبل الأمم المتحدة، على حد تعبير دنورة.

ويتفق الحربي وعبدالفتاح على أن طرد المليشيات الموالية لإيران سيكون “صعبا” على النظام السوري في الوقت الحالي.

وقال عبدالفتاح إن “الأسد مغلول اليد ولا يملك أن يطرد مليشيات كانت سبب في بقائه في السلطة”.

وكانت المليشيات الإيرانية قاتلت بجانب قوات النظام السوري في الحرب التي دخلت عامها الثانية عشرة، بما في ذلك قوات تابعة لحزب الله اللبناني الموالي لطهران.

أما دنورة فيرى أنه “بزوال السبب تزول النتيجة، بمعنى أنه عندما يتم التخلص بشكل كامل من المجموعات الإرهابية” فلا يوجد مبرر لبقاء القوى العسكرية على الأراضي السورية.

وتابع: “لا توضع العربة قبل الحصان … لا يجب تقديم شروط تتعلق بالضبط الأمني الكامل قبل إزالة السبب الذي أضر بذلك وهو وجود المجموعات الإرهابية”.

وكانت “الفايننشال تايمز” نقلت عن مسؤول – لم تكشف عن هويته – قوله إن “السوريين يريدون استسلاما كاملا. البعض يمزح بالقول إنهم قد يطلبون الاعتذار”.

وقال أحد الدبلوماسيين للصحيفة البريطانية إن المفاوضات بشأن القضايا المتعلقة بسوريا ستختبر ما إذا كان الأسد “جادا أم لا” بشأن العودة إلى الحضن العربي.

ويعتقد عبدالفتاح أن هناك “حل وسط” بالنسبة لمشاركة سوريا في القمة العربية المقبلة. وقال إن “التمثيل السوري يكون على مستوى وزير الخارجية كمخرج ملائم لعودة لسوريا” للحضن العربي.