«الوحدة» الليبية تواجه «عاصفة شعبية» رافضة للتطبيع مع إسرائيل
سعت حكومة «الوحدة» الليبية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، لاحتواء الغضب الشعبي المتصاعد، وأعلنت إقالة وزيرة خارجيتها نجلاء المنقوش، بعد ساعات من وقفها عن العمل مؤقتاً، وإحالتها على التحقيق، على خلفية اجتماعها «السري» مع نظيرها الإسرائيلي في العاصمة الإيطالية روما الأسبوع الماضي.
وتنصل الدبيبة من المسؤولية عن التطبيع مع إسرائيل، وأعلن لدى مشاركته، الاثنين، في وقفة أمام مقر السفارة الفلسطينية بالعاصمة طرابلس، إقالة المنقوش من منصبها، ونفى علمه المسبق بما قامت به، واصفاً تصرفها بالفردي «لنقص الخبرة الدبلوماسية»، وشدد على «ثبات موقف ليبيا تجاه القضية الفلسطينية دولةً وشعباً».
وأحرق محتجون غاضبون استراحة للدبيبة في شط الهنشير بطرابلس، تزامناً مع محاولة لاقتحام منزله في منطقة النوفليين، فيما طوقت قوات الأمن المنطقة، لكنهم أضرموا النيران في منزل ابن أخيه إبراهيم بحي الأندلس، الذي تردد أنه كان ضمن أعضاء الوفد الرسمي المرافق للمنقوش في اجتماع روما.
واقتحم شباب غاضبون، مساء الأحد، مقر وزارة الخارجية في العاصمة طرابلس، ورفعوا العلم الفلسطيني، ورددوا شعارات تطالب بإسقاط الحكومة ومحاسبتها فوراً، وشهدت عدة مناطق بالمدينة، احتجاجات شملت إغلاق الطرقات وإشعال إطارات السيارات (سوق الجمعة وطريق الشط وتاغوراء والبيفي و11 يونيو).
كما أحرق متظاهرون ليبيون، العلم الإسرائيلي في مدن أخرى بالمنطقة الغربية منها، مصراتة والزاوية وبني وليد، وسط دعوات لتنظيم مظاهرة أمام مقر الحكومة ووزارة الخارجية للمطالبة بإقالتهما.
ونفى جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الدبيبة، تسهيله مغادرة المنقوش بشكل مفاجئ، فجر الاثنين، عبر مطار معيتيقة بالعاصمة الليبية، بعد إعلان الدبيبة وقفها عن العمل احتياطياً وإحالتها للتحقيق أمام لجنة حكومية برئاسة وزير العدل، وتكليف وزير الشباب فتحي الله الزني بتسيير مهام وزارة الخارجية.
وقال الجهاز في بيان إنه ينفي ما تم تداوله بشأن السماح أو تسهيل سفر المنقوش، وقال إنها لم تمر عبر القنوات الرسمية بمنفذ مطار معيتيقة، سواء الصالة العادية أو الخاصة أو الرئاسية وفق السياق المتعارف عليه.
وأعلن إدراج اسم المنقوش في قائمة الممنوعين من السفر إلى حين امتثالها للتحقيقات، محذراً من تخريب المؤسسات العامة للدولة وممتلكاتها، وهدد باتخاذ كل الإجراءات القانونية في حق كل من يثبت تورطه وفقاً للإجراءات القانونية.
وكان المجلس الرئاسي، طالب الدبيبة بموافاته بشأن ما تردد عن اجتماع روما وما ورد بشأنه، وعدَّ في رسالة تلقت «الشرق الأوسط» نصها أن «ما ورد لا يعبر عن السياسة الخارجية للدولة الليبية، ولا يمثل الثوابت الوطنية الليبية، ويعد خرقاً للقوانين الليبية التي تجرم التطبيع مع الكيان الصهيوني»، لافتاً إلى أن ملتقى الحوار السياسي الليبي الموقع بجنيف عام 2020، أوكل للمجلس الرئاسي الاختصاص بمتابعة ملف السياسة الخارجية والإشراف عليه.
وقالت نجوى وهيبة، الناطقة باسم المجلس الرئاسي، إن هذه الرسالة وجهت للدبيبة عقب اجتماع طارئ عقده المنفي ونائباه في طرابلس، مساء الأحد.
بدوره، دعا مجلس النواب أعضاءه لعقد جلسة طارئة بمقره في مدينة بنغازي، مساء الاثنين، لمناقشة ما وصفه بـ«الجريمة القانونية والأخلاقية المرتكبة بحق الشعب الليبي وثوابته الوطنية من خلال لقاء وزير خارجية الحكومة منتهية الولاية مع وزير خارجية العدو الصهيوني».
كان المتحدث باسم المجلس عبد الله بليحق، قد عدَّ أن ما أقدمت عليه المنقوش، «عبث من حكومة الدبيبة ومحاولة للبقاء في السلطة لأكبر وقت ممكن على حساب ثوابت الشعب الليبي»، لافتاً إلى ما وصفه برأي عام رافض لهذا الاتجاه.
وتوعد بليحق «كل من يمس ثوابت الشعب الليبي، بأن القانون سيطاله عاجلاً أم آجلاً»، مشيراً إلى نص قانون ليبي يحظر التعامل مع إسرائيل، أفراداً ودولةً. كما نددت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب باللقاء وعدته انتهاكاً خطيراً يجرمه القانون.
كان المجلس الأعلى للدولة أبدى استغرابه اللقاء، وعدّه «خطوة مخالفة لقواعد مقاطعة العدو الصهيوني»، وحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والتاريخية لكل من قام بهذا العمل أو شارك فيه أو أشاد به.
كما دعا كل الجهات المختصة في الدولة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات، وعلى نحو عاجل إزاء محاسبة المعنيين، بما يكفل عدم ترتب أي نتائج على ذلك اللقاء؛ وبما يحول دون تكراره، وقال المجلس إنه يرفض بشدة هذا العمل. ويدين القائمين عليه، ويدعو إلى إيقافهم عن ممارسة أعمالهم.