يا لها من ليلة التي عاشها أنطوان جريزمان السبت! قاد الفرنسي أتلتيكو مدريد لانتصار جديد في “بالايدوس” سلتا فيجو بثلاثية سجلها كلها بمفرده، وأصبح يفصله فقط ثمانية أهداف ليكون الهداف التاريخي للروخي بلانكوس.
قد تكون الأهداف الثلاثة التي سجلها الفرنسي ضد سلتا عادية، ركلة جزاء وكرة بالحظ وأخرى من داخل منطقة الست والمرمى خال، ولكن لسنا هنا لنشيد به بسبب الهاتريك ولكن بسبب مجمل ما يقدمه مؤخراً.
يعيش “جريزو” حالة استثنائية منذ الموسم الماضي، سواء على صعيد ناديه أو مع منتخب بلاده، فإذا كنت تريد لغة الأرقام، ساهم جريزمان في 50 هدفاً منذ انطلاق الموسم الفائت وحتى الآن بتسجيله 26 مرة وصنع 24 آخرين، أما إذا كنت تعتمد لغة الميدان فتحول اللاعب خلال تلك الفترة لا يمكن أن يمر مرور الكرام.
منذ عودة جريزمان إلى أتلتيكو وتخلصه من أشباح برشلونة واحتجازه رهينة على الجناح وعاد للتألق، يعرف دييجو سيميوني كيف يخرج أفضل ما عنده بتوظيفه بمكانه الطبيعي كمهاجم ثان، ثم جاء توظيف ديدييه ديشان العبقري في مونديال 2022 بوضعه كثالث خط وسط ليفجر إمكانياته كصانع ألعاب صاحب لمسة مميزة وبصيرة رائعة، ومجهود بدني لا ينضب جعله يستحق أن يكون نجماً لكأس العالم لولا إعجازات ليونيل ميسي وكيليان مبابي.
في 2023، جريزمان هو أكثر من سجل وصنع في الليجا، وصاحب المساهمات الهجومية الأكثر في الدوريات الخمس الكبرى، وأصبح على بعد ثمانية أهداف كما أوضحنا من أن يكون الهداف التاريخي لناديه، إذ يملك 165 هدفاً مقابل 173 للراحل لويس أراجونيس، كلها أرقام تؤكد أن خلال تلك الفترة جريزمان من ضمن الأفضل في العالم مع ميسي وإرلينج هالاند.
يمكن القول إن عندما يكسر جريزمان رقم أراجونيس سيتم طرح نقاش إذا كان الأعظم في تاريخ أتلتيكو مدريد، ولكن يجب أن يتسع ذلك النقاش لأن مسيرة جريزمان قد يكون ظلمها ناديه ذاته، صحيح لعب في برشلونة ولكن في ظروف سلبية لم تساعده هو تحديداً، وإذا لعب لنادِ آخر لربما كان الوضع مغايراً، حتى مع منتخب فرنسا هو الثالث فقط خلف تييري هنري وأوليفييه جيرو برصيد 44 هدفاً، ولكن يبقى كل الحديث منصباً عن مبابي ومتى يصبح الهداف التاريخي للبلاد.
ربما تلك هي شخصية جريزمان، لاعب يفضل الفريق والمجموعة على نفسه، وسبق له أن ألمح إلى ذلك بالفعل في أكثر من مناسبة سابقة، ولكن إذا كان هو نفسه لا يريد الأضواء، فعلى عشاق كرة القدم إعطاء لكل ذي حق حقه والاعتراف بأن الفرنسي من الأعظم بهذا الجيل، ولولا فقط وجود أمثال ميسي ومبابي بنفس التوقيت لكان “جريزو” ربما الأعظم.