- Author, يولاند نيل
- Role, بي بي سي نيوز- القدس
أدان مسؤولون ألمان وإسرائيليون الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بسبب التصريحات التي أدلى بها خلال خطاب ألقاه بشأن اليهود والمحرقة النازية.
وقال محمود عباس إن أدولف هتلر أمر بالقتل الجماعي لليهود بسبب “دورهم الاجتماعي كمقرضين للمال”، وليس بسبب عدائه لليهودية.
واتهم سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، عباس، بـ “بمعادة خالصة للسامية”. وقالت البعثة الألمانية في رام الله “التاريخ واضح”. “لقد تم محو ملايين الأرواح ولا يمكن اعتبار هذا أمرا نسبيا”.
كما قالت البعثة: “نحن نسعى جاهدين لتعزيز ذكرى كريمة، تتسم بالدقة، للضحايا.”
وأضاف السفير الألماني لدى إسرائيل، شتيفن زايبرت، قائلا: “الفلسطينيون يستحقون سماع الحقيقة التاريخية من زعيمهم، وليس مثل هذه الخطابات المُشوهة”.
واستخدم هتلر الشعب اليهودي ككبش فداء لمساوئ ألمانيا. كما اعتبرهم عرقا أدنى يجب إبادته.
وسبق أن نددت الجماعات اليهودية بالرئيس الفلسطيني، البالغ من العمر 87 عاما، ووصفته بأنه مُنكر للمحرقة بسبب أطروحة الدكتورة الخاصة به حول “النازية والصهيونية”.
على الرغم من ذلك، فأنه استمر، على مدار سنوات، في إلقاء خطابات طويلة شرح خلالها وجهات نظره المسيئة.
وقد ألقى خطابه أمام المجلس الثوري لحركة فتح الشهر الماضي وبُث لاحقا على تلفزيون فلسطين. ثم تُرجمت بعد ذلك تصريحاته ونشرها معهد أبحاث الإعلام في الشرق الأوسط يوم الأربعاء، وتحققت بي بي سي نيوز من الترجمة.
ففي إحدى المرات قال عباس “يقولون إن هتلر قتل اليهود لكونهم يهوداً، وإن أوروبا كرهت اليهود لأنهم يهود، لا، لقد شرح هذا بوضوح، إنهم قاتلوهم بسبب دورهم الاجتماعي وليس بسبب دينهم”.
وأوضح لاحقا أنه كان يشير إلى دور اليهود في “الربا والمال وما إلى ذلك”.
كما أعاد عباس إحياء نظرية تاريخية مهجورة منذ فترة طويلة، مفادها أن اليهود الأشكناز الأوروبيين لم ينحدروا من بني إسرائيل القدماء، بل من المتحولين إلى اليهودية في القرن الثامن ومن بينهم الخزر، وهم شعب تركي .
كما قال عباس: “الحقيقة التي يجب أن ننشرها للعالم هي أن اليهود الأوروبيين ليسوا ساميين. ولا علاقة لهم بالسامية”. وأضاف قائلا: “اليهود الشرقيون ساميون” في إشارة إلى يهود السفارديم، الذين يسكنون الشرق الأوسط الكبير.
وسبق أن أثار الرئيس عباس ضجة دولية عندما قدم اقتراحات مماثلة عام 2018، خلال ما وصفه بـ”درس التاريخ” في اجتماع نادر للمجلس الوطني الفلسطيني . وكان هدفه في تلك المناسبة هو التشكيك في العلاقة بين الشعب اليهودي وإسرائيل المعاصرة. وتكمن حقوق الأرض في جوهر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتتشابك مع الروايات التاريخية لكلا الشعبين.
وقد شاركت وزارة الخارجية الإسرائيلية محتوى الخطاب الأخير للرئيس عباس على موقع “إكس” المعروف سابقا باسم “تويتر”، وانتقده السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان.
وعلق إردان، قائلا: “هذا هو الوجه الحقيقي للقيادة الفلسطينية. ومثلما يلوم عباس اليهود على المحرقة، فإنه يلوم اليهود أيضا على كل قضايا الشرق الأوسط”.
كما قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان “يجب على العالم أن يستيقظ ويحاسب عباس وسلطته الفلسطينية على الكراهية التي ينشرونها وما يتلوها من سفك للدماء . يتعين ألا يكون هناك أي تسامح مع التحريض والإرهاب الفلسطينيين!”
كما أدان الاتحاد الأوروبي الخطاب الذي وصفه بأنه “مغلوط ومضلل بشكل صارخ”.
وقال في بيان: “إن مثل هذه التشوهات التاريخية تحريضية ومُهينة للغاية و يمكن أن تؤدي فقط إلى تأجيج التوترات في المنطقة ولا تخدم مصالح أحد. إنها تصب في مصلحة أولئك الذين لا يريدون حل الدولتين، وهو ما أيده الرئيس عباس مرارا وتكرارا”.
“علاوة على ذلك، فإنها تسفه من المحرقة اليهودية وبالتالي تأجج معاداة السامية وتعد كذلك إهانة للملايين من ضحايا الهولوكوست وعائلاتهم”.
وقد انُتقد عباس، في مايو/أيار، لتشبيهه إسرائيل بألمانيا النازية في خطاب ألقاه في مناسبة للأمم المتحدة. واتهم تل أبيب بالكذب “تماما مثل غوبلز”، في إشارة إلى جوزيف غوبلز، كبير مُروجي الدعاية للحزب النازي.
وكان هناك غضب دولي، العام الماضي، بعدما قال عباس إن إسرائيل نفذت “50 مذبحة؛ 50 محرقة” خلال مؤتمر صحفي مع المستشار الألماني أولاف شولتز، في برلين. وقال المستشار، لاحقا، إنه “يشعر بالاشمئزاز من التصريحات المُشينة”.
كما أصدرت إسرائيل والولايات المتحدة بيانات شديدة اللهجة. ليُصدر بعدها الزعيم الفلسطيني توضيحا لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”. ولم يعتذر بشكل صريح، لكنه قال إن المحرقة كانت “أبشع جريمة في تاريخ البشرية الحديث” وإن تعليقاته لم تكن تهدف إلى “إنكار خصوصية المحرقة”.