كان من الممكن أن يأتي المضمون أكثر عمقاً وكوميدية
مارلين سلوم*
محظوظون صناع الفيلم الذي تسبقه إلى الصالات «ضجة» مفتعلة أو غير مقصودة، والضجة قد تكون شائعة ما أو أزمة بين أبطال العمل وصنّاعه أو خلافاً يحتد بين النقاد والعاملين فيه.. والضجة في زمننا هذا صار اسمها «ترند»، ويمكن القول إن صناع «أولاد حريم كريم» من المحظوظين الذين سبقهم الترند في المساهمة في الترويج للفيلم قبل انتشاره عربياً، ووصل إلى الجمهور قبل انطلاق عرضه في الصالات في الإمارات، التي شهدت قبل أيام قليلة مشاركة أبطاله ومنتجته العرض الأول في دبي؛ ليست قضيتنا الأزمة التي حصلت ولا الترند، بل نتوقف عند تفاصيل العمل السينمائي الآتي بعد 18 عاماً لاستكمال الجزء الأول، مع تعديلات واضحة وإيجابيات وسلبيات نتطرق إليها في السطور التالية.
نظلم أي عمل سينمائي إذا اختصرناه بشخص واحد، سواء كان هذا الشخص بطلاً محبوباً ومتميزاً بموهبته أم لا، لذلك لا يمكن الانطلاق بحكمنا على فيلم «أولاد حريم كريم» من وجهة نظرنا بموهبة الفنان مصطفى قمر في التمثيل، خصوصاً أن الفيلم يأتي بعد عرض الجزء الأول عام 2005، ليعيد بعض الشخصيات التي شاركت فيه سابقاً إلى الأضواء مجدداً، وغياب البعض الآخر لا سيما بطلته ياسمين عبد العزيز التي اعتذرت عن المشاركة بهذا الجزء، ويبدو أنها محقة في قرارها هذا؛ ورغم أن مصطفى قمر هو البطل الأول ومازال نقطة ارتكاز القصة ومحورها مثل الجزء الأول، إلا أن دخول العناصر الشابة إلى العمل أضاف إليه لمسة مختلفة، وقرّب القصة من المنطق أكثر، كما كسب ودّ الشباب وعرف كيف يستقطبهم ليشاهدوا فيلماً يجمع بين جيل «حريم كريم» وجيل «أولاد حريم كريم» مع وجوه سينمائية شابة ومحبوبة، مثل تيام قمر ورنا رئيس ويوسف عمر.
تطور الزمن
زينب عزيز تعاملت مع النص بذكاء، لم تعد بالأحداث إلى الوراء، أي إلى ما كتبته في الجزء الأول عام 2005، بل انطلقت من حيث وصلت إليه الشخصيات وكأن الزمن مشى بشكل طبيعي وآل بهم إلى ما هم عليه الآن بعد 18 عاماً بشكل منطقي؛ دينا (بسمة) تحتفل مع صديقاتها بطلاقها، تبدو سعيدة بينما هي تخفي قلقاً خصوصاً مع صدور قرار نقلها من مذيعة إلى مديرة للبرامج من أجل إفساح المجال أمام الشباب والوجوه الجديدة للظهور، في المقابل نرى كريم الحسيني (مصطفى قمر) أرملاً يعيش مع ابنته الوحيدة آيلا (رنا رئيس)، وهذه الأخيرة تعيش قصة حب مع شاب تناديه كيمي اختصاراً لكريم (تيام مصطفى قمر).. تعريفنا بالشخصيات اختاره المخرج علي إدريس عبوراً سريعاً وانتقالاً من مجموعة إلى أخرى بشكل متواصل، كنوع من التذكير بالشخصيات الرئيسية -أي كريم الحسيني وزميلاته منذ أيام الجامعة واللاتي كنّ معجبات به وتسبّبن بإفساد علاقته بحبيبته قبل 18 عاماً والتي جسدتها وقتها ياسمين عبد العزيز- وعلاقتها بالشخصيات الشابة الجديدة، حيث نكتشف أن كريم الشاب هو ابن مها شكري (داليا البحيري) وحسين المناديلي (خالد سرحان)، تلك التي كانت متيمة بكريم الحسيني منذ الجامعة وكان حسين يغار منه وعليها بشكل مبالغ فيه ويسبب المشاكل للجميع؛ هالة (علا غانم) مطلقة من تامر أبو الفضل (عمرو عبد الجليل) وابنها أبو الفضل ينادونه بوبس (كريم كريم) يفسخ خطوبته للمرة الثالثة، أما ابن دينا فهو الدكتور الصيدلاني سيف (يوسف عمر) الشاب الشهم والذي يريد أن يساعد أمه كي تخرج من محنتها وإحساسها بالوحدة وبأنها لم تعد شابة.
أجواء الصيف
كان من الممكن الاستفادة من أجواء الصيف والبحر بشكل أفضل في التصوير، كما فعل صناع فيلم «ماما ميا»، خصوصاً أن «أولاد حريم كريم» أيضاً يتضمن عدداً من الأغاني والأجواء الراقصة، لكنه بقي بعيداً عن هذا المستوى الفني الاستعراضي الجميل، وطغت فكرة المؤامرات والمنافسة بين السيدات على المضمون الذي كان من الممكن أن يأتي أكثر عمقاً وأكثر جدية في الطرح دون استبعاد الروح الكوميدية الخفيفة.
لم يكن مصطفى قمر يوماً النجم ذا الموهبة الفذة في التمثيل، منذ بداية تجاربه وهو في عيون الجمهور المغني المحبوب الذي يقدم أفلاماً اجتماعية ظريفة، مثلما فعل الكثير من الفنانين قبله وبعده، وتبقى موهبة الغناء هي الفرصة الذهبية بالنسبة لهؤلاء لتقديم أنفسهم بشكل مستمر وتقديم أغانيهم المصورة ضمن إطار درامي رومانسي يضيف إلى رصيدهم الفني، لكن هذا لا يعني أن كل هؤلاء نجحوا في التمثيل، ومصطفى قمر بدا في هذا الفيلم أضعف من ابنه على الأقل إن لم نقارنه بباقي الممثلين، رنا رئيس «محلك سر» وغير مؤثرة، داليا البحيري غير مقنعة بالأدوار الكوميدية، بسمة مناسبة لدور المذيعة الأنيقة والمحافظة على شكلها والمطلّقة التي تخاف على نفسها من الوحدة والتقدم في العمر، بينما تميز الثنائي علا غانم وعمرو عبد الجليل بتقديم ثنائي ناجح لمطلّقين يتظاهران بأنهما ما زالا متزوجين ويعيشان قصة حب مثالية، كي ترضى العروس مريم وأمها سارة بزواجها من ابنهما أبو الفضل.
مسار قديم
الكاتبة أضافت شخصية سارة (بشرى رزه) لتعيد القصة إلى مسار يشبه إلى حد ما مسارها القديم، مشاعر الحب تتجدد لدى كريم الحسيني حين يتعرف على سارة، ما يولد من جديد مشاعر الغيرة في نفوس مها ودينا وهالة، ويحاولن العودة إلى ألاعيب الصبا من أجل كسب ود كريم، لكن وجود الأبناء يأخذ القصة باتجاه مختلف هذه المرة، لا سيما وأن صراعاً يحتدم بين كيمي وسيف من أجل الفوز بقلب آيلا، بينما يقع بوبس في حب مريم ابنة سارة.. تتشابك العلاقات وتتعقد الأمور مع رفض كريم لارتباط ابنته بكيمي وتعمده دعوة سيف إلى العشاء ليعرفه بآيلا علّه يرتبط بها، في حين يفكر سيف بدعوة أمّه معه إلى نفس العشاء لربما يعجبها كريم فتتزوّجه، مشهد لافت صوّره المخرج بذكاء، ولقاء شكل المفاجأة الصادمة لكريم حين اكتشف أن سيف هو ابن دينا..
صدمات تتوالى، ولكن الصراع يأخذ منحى إضافياً حيث يمتزج صراع «الحريم» على كريم بإحساس كل منهن بدافع قوي للقتال بشراسة من أجل تحقيق حلم ابنها، منافسة بوجهين وباتجاهين بين دينا ومها، أم سيف وأم كيمي وكل منهما تأتي لتطلب آيلا لابنها، بينما هالة مشغولة بإتمام خطوبة وحيدها بوبس، الذي وافق على خوض مغامرة التعرف على فتاة من خلال إعلان وضعته والدتها على إحدى الصفحات تطلب فيه عريساً لابنتها الوحيدة مريم لكي تسعدها، هنا يتم اللقاء بين العريس والأم سارة ويتفقان على كل التفاصيل كي لا تشعر ابنتها بأن اللقاء مدبراً.